إعدامات ميدانية في غزة تثير مخاوف من صراع داخلي وحرب أهلية

في أعقاب فترات من التوتر العسكري والنزاع مع إسرائيل، شهد قطاع غزة تنفيذ عمليات إعدام ميدانية على يد حركة حماس، استهدفت أفراداً اتهمتهم بـ"التعاون" مع الجانب الإسرائيلي. هذه الأحداث، التي جرت في بعض الأحيان في ساحات عامة، أثارت موجة واسعة من الجدل والقلق، وأطلقت تحذيرات جدية من انزلاق القطاع نحو فتنة داخلية أو حرب أهلية، في ظل الانقسام السياسي الفلسطيني القائم.

خلفية الأحداث وسياقها

تأتي هذه الإعدامات عادةً في سياق أمني مشحون، حيث تسعى حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، إلى فرض سيطرتها وإظهار قوتها في ردع أي اختراقات أمنية. تبرر الحركة هذه الإجراءات بأنها ضرورية لـ"تطهير البيت الداخلي" ومعاقبة من تتهمهم بتقديم معلومات استخباراتية لإسرائيل، والتي قد تستخدم في استهداف قادة فصائل أو مواقع حساسة. وغالباً ما تتصاعد هذه الحملات خلال أو بعد الحروب مباشرة، حيث تكون الخسائر البشرية والمادية دافعاً للبحث عن مسؤولين داخليين عنها.

تفاصيل العمليات وردود الفعل

تم تنفيذ العديد من هذه الإعدامات على مرأى من العامة، حيث قام مسلحون ملثمون، يُعتقد أنهم ينتمون إلى كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، بإطلاق النار على المتهمين بعد تلاوة التهم الموجهة إليهم. على سبيل المثال، في أعقاب عملية "الجرف الصامد" عام 2014، تم توثيق إعدام العشرات من الأشخاص بتهمة التخابر. وقد أثارت هذه الممارسات انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية، التي وصفتها بأنها "إعدامات خارج نطاق القضاء" وتفتقر لأبسط معايير المحاكمة العادلة. وأكدت هذه المنظمات أن الاعترافات قد تكون انتُزعت تحت الإكراه والتعذيب، دون أن يُمنح المتهمون الحق في الدفاع عن أنفسهم.

الانعكاسات على الساحة الفلسطينية

على الصعيد السياسي، عمّقت هذه الإعدامات من الشرخ بين حركتي فتح وحماس. فقد أدانت السلطة الفلسطينية في رام الله هذه الممارسات بشدة، معتبرة إياها تقويضاً لسيادة القانون والنظام القضائي الفلسطيني، وعائقاً أمام جهود المصالحة الوطنية. أما داخل غزة، فقد خلقت هذه الأحداث حالة من الخوف والترقب، وسط تخوفات من أن تؤدي إلى ثارات عائلية وعشائرية، مما يهدد النسيج الاجتماعي المنهك أصلاً بفعل الحصار والحروب المتكررة. وتضمنت أبرز التداعيات ما يلي:

زيادة حدة الانقسام السياسي الفلسطيني وتراجع الثقة بين الفصائل.
إثارة قلق المنظمات الحقوقية حول حالة حقوق الإنسان في القطاع.
تنامي المخاوف لدى السكان المحليين من سيطرة الأجهزة الأمنية وغياب الإجراءات القانونية الواضحة.

الأهمية والتداعيات المستقبلية

تكمن أهمية هذه الأحداث في كونها لا تعكس فقط ممارسة أمنية، بل مؤشراً على طبيعة الحكم في غزة وغياب سلطة قضائية موحدة ومستقلة. التحذيرات من "حرب أهلية" لا تأتي من فراغ، بل من إدراك أن غياب العدالة الرسمية قد يدفع الأطراف المتضررة إلى أخذ القانون بيدها، مما يفتح الباب أمام صراعات داخلية يصعب السيطرة عليها. وفي ظل استمرار الأزمة الإنسانية والاقتصادية، فإن أي توتر أمني داخلي إضافي من شأنه أن يفاقم معاناة السكان ويزيد من تعقيد المشهد الفلسطيني برمته.