سباق القيادة في اليابان: تاكايتشي تنافس بقوة بدعم من آبي قبل التصويت الحاسم

شهدت الساحة السياسية اليابانية في سبتمبر 2021 سباقًا محتدمًا على زعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، وهو المنصب الذي يؤهل صاحبه تلقائيًا لرئاسة وزراء البلاد. جاء هذا السباق في أعقاب إعلان رئيس الوزراء آنذاك، يوشيهيدي سوغا، عن عدم نيته الترشح مرة أخرى، مما فتح الباب أمام منافسة قوية لتحديد خليفته في قيادة ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

خلفية السباق وصعود تاكايتشي

برزت السياسية المحافظة ساناي تاكايتشي، التي شغلت مناصب وزارية عدة في السابق، كواحدة من أبرز المرشحين في هذه الانتخابات. اكتسبت حملتها زخمًا كبيرًا بعد حصولها على دعم علني ومؤثر من رئيس الوزراء الأسبق شينزو آبي، الذي لا يزال يتمتع بنفوذ واسع داخل الحزب. هذا الدعم لم يمنحها الشرعية السياسية فحسب، بل حشد لها أيضًا أصواتًا مهمة من الجناح المحافظ القوي داخل الحزب، مما جعلها منافسًا حقيقيًا على المنصب.

عُرفت تاكايتشي بمواقفها القومية المتشددة، حيث ركز برنامجها الانتخابي على محاور رئيسية، منها:

تعزيز القدرات الدفاعية لليابان لمواجهة التحديات الإقليمية.
زيارة ضريح ياسوكوني المثير للجدل، والذي يُكرم مجرمي الحرب من بين قتلى الحرب اليابانيين.
تبني سياسات اقتصادية تهدف إلى حماية الصناعات الوطنية ودعم النمو، والتي عُرفت إعلاميًا باسم "ساناي-نوميكس".

المنافسون الرئيسيون ومسار الانتخابات

لم تكن تاكايتشي المرشحة الوحيدة في السباق، حيث واجهت منافسة من شخصيات بارزة أخرى داخل الحزب، أبرزهم فوميو كيشيدا، وزير الخارجية السابق الذي كان يُنظر إليه على أنه مرشح معتدل ومفضل للمؤسسة الحزبية، وتارو كونو، وزير الإصلاح الإداري الذي تمتع بشعبية واسعة لدى الجمهور العام وأعضاء الحزب الشباب بفضل أسلوبه المباشر. كما شاركت في السباق الوزيرة السابقة سيكو نودا.

نتائج التصويت الحاسم

جرت الانتخابات على مرحلتين في 29 سبتمبر 2021. في الجولة الأولى من التصويت، التي شارك فيها نواب الحزب في البرلمان وأعضاؤه من مختلف المحافظات، لم يتمكن أي مرشح من الحصول على الأغلبية المطلقة. تصدر كيشيدا وكونو نتائج هذه الجولة، بينما حلت تاكايتشي في المركز الثالث، مما أخرجها من السباق. على الرغم من عدم فوزها، أظهرت نتائجها قاعدة دعم قوية بين الأعضاء الأكثر تحفظًا في الحزب.

في جولة الإعادة التي اقتصرت على كيشيدا وكونو، حسم فوميو كيشيدا السباق لصالحه بفوز واضح، مستفيدًا من دعم غالبية الفصائل الحزبية التي فضلت نهجه الأكثر استقرارًا وتوافقًا. وبناءً على هذه النتيجة، تولى كيشيدا رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي، ومن ثم تم انتخابه رئيسًا لوزراء اليابان في البرلمان.

أهمية الحدث وتداعياته

عكست هذه الانتخابات الديناميكيات المعقدة داخل الحزب الحاكم في اليابان، حيث غالبًا ما يتفوق نفوذ الفصائل الداخلية على الرأي العام. وبينما كانت التوقعات تشير إلى منافسة شرسة، أثبتت نتيجة السباق أن الحزب لا يزال يميل نحو الاستمرارية والقيادة التقليدية. مثّل فوز كيشيدا بداية مرحلة جديدة للسياسة اليابانية، تركز على "رأسمالية جديدة" تهدف إلى تقليص الفجوات الاقتصادية، مع الحفاظ على التحالفات الدولية الرئيسية للبلاد.