ساناي تاكايتشي في طريقها لمنصب رئيس وزراء اليابان بعد اتفاق ائتلافي تاريخي

في تطور سياسي لافت، أفادت تقارير إعلامية يابانية، يوم الأحد، بأن الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم توصل إلى اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب التجديد الياباني (إيشين)، وهو ما يمهد الطريق أمام السياسية المخضرمة ساناي تاكايتشي لتصبح أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء في تاريخ اليابان. ويُنظر إلى هذا التحالف على أنه خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأغلبية المحافظة في البرلمان وتمرير أجندة تشريعية طموحة.

خلفية الاتفاق والسياق السياسي

يأتي هذا الاتفاق في ظل مشهد سياسي ياباني معقد، حيث يسعى الحزب الليبرالي الديمقراطي، الذي هيمن على السلطة لعقود، إلى تأمين أغلبية برلمانية مستقرة لمواجهة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة. ورغم قوته، واجه الحزب في السنوات الأخيرة تحديات داخلية وضغوطًا من المعارضة، مما دفع قيادته إلى البحث عن شركاء سياسيين. وفي المقابل، برز حزب "إيشين" كقوة يمينية مؤثرة، خاصة في منطقة كانساي، حيث بنى شعبيته على وعود بالإصلاح الإداري ومراجعة الدستور السلمي للبلاد، وهي نقاط تتلاقى مع طموحات الجناح الأكثر تشددًا داخل الحزب الحاكم.

وينظر المحللون إلى هذا التحالف على أنه زواج مصلحة بين الطرفين؛ فمن ناحية، يضمن للحزب الحاكم الدعم اللازم لتمرير القوانين الحاسمة، ومن ناحية أخرى، يمنح حزب "إيشين" نفوذًا غير مسبوق على المستوى الوطني وفرصة لتحقيق أهدافه السياسية الرئيسية التي طالما نادى بها.

ساناي تاكايتشي: مسيرة نحو القمة

تعتبر ساناي تاكايتشي، البالغة من العمر 63 عامًا، شخصية سياسية بارزة ومعروفة بمواقفها القومية والمحافظة. شغلت تاكايتشي عدة مناصب وزارية مهمة في حكومات سابقة، بما في ذلك وزيرة الشؤون الداخلية والاتصالات، وتُعرف بأنها من أشد الموالين لرئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، حيث تتبنى الكثير من أفكاره السياسية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز القدرات الدفاعية لليابان وتعديل الدستور. إن اختيارها كمرشحة لرئاسة الوزراء لم يكن مفاجئًا، إذ يمثل تقاربًا فكريًا واضحًا بين الحزبين المتحالفين، مما يسهل من عملية تشكيل الحكومة الجديدة وتوحيد رؤيتها.

الأهمية التاريخية والتداعيات المحتملة

يمثل احتمال تولي تاكايتشي رئاسة الوزراء حدثًا تاريخيًا بامتياز لليابان، وهي دولة غالبًا ما تواجه انتقادات بسبب الفجوة الكبيرة بين الجنسين في مجالي السياسة والأعمال. سيكون وصول امرأة إلى أعلى منصب تنفيذي في البلاد بمثابة كسر لحاجز رمزي طال انتظاره، وقد يلهم أجيالاً جديدة من النساء للمشاركة في الحياة العامة.

على صعيد السياسات، من المتوقع أن يؤدي هذا الائتلاف اليميني إلى تحول ملموس في توجهات اليابان الداخلية والخارجية. من المرجح أن تشمل الأولويات الرئيسية للحكومة الجديدة ما يلي:

زيادة الإنفاق الدفاعي: تسريع وتيرة تحديث القوات المسلحة اليابانية لمواجهة التهديدات الإقليمية.
تعديل الدستور: دفع الجهود نحو مراجعة المادة التاسعة من الدستور، التي تنبذ الحرب، بهدف إضفاء الطابع الرسمي على دور الجيش.
سياسات اقتصادية محافظة: التركيز على سياسات مالية تهدف إلى تحقيق الاستقرار مع دعم الشركات الكبرى.
موقف أكثر حزماً في السياسة الخارجية: تبني نهج أكثر صرامة في التعامل مع الصين وكوريا الشمالية، مع تعزيز التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.

ومع إبرام هذا الاتفاق المبدئي، تتجه الأنظار الآن إلى البرلمان الياباني (الدايت)، حيث من المتوقع أن يتم التصويت رسميًا على ترشيح تاكايتشي في الأيام القليلة المقبلة. وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، ستدخل اليابان حقبة سياسية جديدة بقيادة أول امرأة تتولى دفة الحكم في تاريخها.