زهران ممداني: اتهامات الارتباط بإيران والتعاطف مع حماس ومخاوف "هدية ترامب" تثير الجدل في سباق نيويورك

في الآونة الأخيرة، يواجه زهران ممداني، عضو الجمعية العامة لولاية نيويورك والمرشح الديمقراطي ذو التوجه اليساري لمنصب عمدة نيويورك، حملة مكثفة من الضغوط والهجمات الإعلامية مع اقتراب موعد الانتخابات الحاسمة. تركز هذه الاتهامات حول ثلاثة محاور رئيسية: مزاعم بارتباطه بإيران، واتهامات بالتعاطف مع حركة حماس، وتحذيرات بأن فوزه قد يمثل "هدية" سياسية للرئيس السابق دونالد ترامب.

خلفية المرشح والاتهامات

يمثل زهران ممداني صوتًا بارزًا للتيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي في نيويورك. وقد عُرف بدعمه للعدالة الاجتماعية وسياسات الإصلاح الاقتصادي. إلا أن حملته الانتخابية الأخيرة شهدت تصاعدًا حادًا في التدقيق والاتهامات، التي يصفها أنصاره بأنها محاولة لتشويه صورته وتقويض فرصه في الوصول إلى منصب رفيع في واحدة من أهم المدن الأمريكية.

اتهامات الارتباط بإيران

برزت المزاعم حول ارتباط ممداني بإيران بعد تلميحات غير مباشرة، غالبًا ما ترددت في أوساط خصومه، تشير إلى انتمائه المذهبي. ويُستغل هذا الجانب، الذي لم يؤكده ممداني صراحة أو ينفه بشكل قاطع في سياق الحملة، لربطه ضمنيًا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية. يرى منتقدو هذه الاتهامات أنها تستند إلى تحيزات طائفية وتستغل الدين في صراعات سياسية، وأنها تمثل شكلًا من أشكال الإسلاموفوبيا. بينما يرى آخرون أن التساؤل عن مثل هذه الروابط يأتي في سياق التدقيق الأمني والسياسي المعتاد للمرشحين في المناصب العامة الحساسة، خاصة في ظل التعقيدات الجيوسياسية الراهنة.

التعاطف مع حركة حماس

تُعد اتهامات التعاطف مع حركة حماس من أبرز النقاط التي تثير الجدل ضد ممداني، خاصة في ظل التوترات الإقليمية الراهنة في الشرق الأوسط وتداعيات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لم تُقدم أدلة مباشرة على دعم ممداني لحماس كمنظمة إرهابية، ولكن الاتهامات غالبًا ما تنبع من مواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية وانتقاداته لسياسات إسرائيل. غالبًا ما يخلط بعض المعارضين بين دعم حقوق الفلسطينيين وانتقاد الحكومة الإسرائيلية وبين التعاطف المباشر مع حماس، مما يضع ممداني في موقف دفاعي لتوضيح الفروق الدقيقة في مواقفه التي يؤكد أنها تهدف إلى تحقيق العدالة والسلام في المنطقة.

التحذير من كونه "هدية لترامب"

من المثير للجدل أيضًا التحذيرات السياسية التي تشير إلى أن فوز ممداني بمنصب العمدة قد يشكل "هدية" للرئيس السابق دونالد ترامب وحلفائه الجمهوريين. يُبرر هذا الرأي بأن مرشحًا يساريًا تقدميًا مثل ممداني قد يُنظر إليه على أنه متطرف من قبل الناخبين المعتدلين أو المستقلين، مما قد يضعف قاعدة الدعم الديمقراطي على نطاق أوسع في نيويورك وربما يؤثر على نتائج الانتخابات المستقبلية. ويُخشى أن يستغل ترامب مثل هذا الفوز لتعزيز سرديته بأن الديمقراطيين أصبحوا متطرفين جدًا، وأن يمنحه ذلك ذريعة للهيمنة السياسية أو التأثير على الولاية في المستقبل، خاصة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. هذا الطرح يسعى إلى حشد الدعم للمرشحين الأكثر اعتدالًا داخل الحزب الديمقراطي لتجنب تداعيات قد يعتبرونها سلبية على صورة الحزب.

السياق السياسي والحملات المضادة

تأتي هذه الاتهامات في سياق حملة انتخابية محتدمة في نيويورك، حيث تلعب الهوية والعرق والدين أدوارًا معقدة في تشكيل الرأي العام. يشير أنصار ممداني ومراقبون مستقلون إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الهجمات قد يتضمن عناصر من الإسلاموفوبيا، حيث يتم استغلال خلفيته العرقية والدينية لتشويه سمعته وربطه بتوجهات متطرفة غير مبررة. يعتبرون أن ربطه بإيران بناءً على انتمائه المذهبي المفترض هو مثال واضح على هذه الممارسات التي تهدف إلى إثارة الخوف والشكوك.

في المقابل، يرى منتقدو ممداني أن هذه التساؤلات مشروعة وضرورية لأي مرشح يسعى لمنصب عام، خاصة في مدينة متنوعة وكبيرة مثل نيويورك. ويؤكدون أن التدقيق في الخلفيات الفكرية والسياسية للمرشحين يقع ضمن إطار الشفافية الديمقراطية وحق الناخب في معرفة توجهات من يمثله.

الأثر والتداعيات المحتملة

إن تصاعد هذه الاتهامات ضد زهران ممداني له تداعيات كبيرة على عدة مستويات:

على السباق الانتخابي: قد يؤثر الجدل سلبًا على شعبيته بين الناخبين غير المطلعين أو المتأثرين بالخطاب الإعلامي المكثف، بينما قد يعزز دعمه بين قاعدته التقدمية التي ترى فيه ضحية لحملة تشهير موجهة.
على الخطاب السياسي: تبرز هذه القضية التحديات التي يواجهها المرشحون من الأقليات، وكيف يمكن استغلال خلفياتهم الثقافية والدينية في الحملات الانتخابية، مما يثير تساؤلات حول أخلاقيات الحملات.
على المشهد الوطني: يمكن أن يصبح هذا السباق مثالًا يسترشد به في الانتخابات المستقبلية، خاصة حول كيفية التعامل مع اتهامات التطرف والارتباطات الخارجية في سياق سياسي مستقطب بشكل متزايد في الولايات المتحدة.

يبقى أن نرى كيف ستتطور هذه الاتهامات مع اقتراب موعد الانتخابات، وما إذا كانت ستغير مسار حملة زهران ممداني نحو منصب عمدة نيويورك أم أنها ستؤدي إلى حشد المزيد من الدعم له في مواجهة ما يصفه أنصاره بالهجمات غير العادلة التي تستهدف تهميشه سياسيًا.