واشنطن ولندن تبحثان سبل تطبيق خطة ترامب لإنهاء حرب غزة

في تطور دبلوماسي لافت، أفادت مصادر مطلعة أن مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أجروا مباحثات مكثفة حول إمكانية تطبيق خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وذلك في سياق الجهود الرامية لإنهاء الصراع الدائر في قطاع غزة. تأتي هذه المناقشات في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لإيجاد حل دائم للوضع في المنطقة، مع التركيز على مرحلة ما بعد الحرب وتداعياتها الإنسانية والسياسية.

خلفية خطة ترامب للسلام

تعرف الخطة التي كشف عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في أوائل عام 2020 باسم "صفقة القرن" أو "الرؤية للسلام والازدهار". كانت الخطة تهدف إلى تقديم إطار شامل لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وارتكزت على عدة محاور رئيسية، منها الاعتراف بالقدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل، وتحديد حدود دولة فلسطينية مستقبلية مع تبادل أراضٍ، وإنشاء صندوق استثمار لدعم الاقتصاد الفلسطيني. قوبلت الخطة حينها بردود فعل متباينة، حيث رحبت بها إسرائيل إلى حد كبير، بينما رفضتها القيادة الفلسطينية واعتبرتها منحازة وتفتقر إلى مقومات العدالة الدولية، خاصة فيما يتعلق بمسألة الحدود والمستوطنات وحق العودة للاجئين.

على الرغم من الجدل الذي أثارته، فإنها مثلت محاولة أمريكية لتقديم رؤية مختلفة للسلام، بعيدًا عن المسارات التفاوضية التقليدية التي لم تسفر عن اتفاق دائم. تركز الخطة بشكل كبير على الجانب الاقتصادي كرافعة لتحقيق الاستقرار، مع تقديم وعود باستثمارات بمليارات الدولارات للمنطقة في حال التوصل إلى اتفاق.

السياق الحالي: حرب غزة والحاجة إلى حلول دائمة

شهد قطاع غزة تصعيدًا غير مسبوق في الصراع، مما أدى إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق وتصاعد التوترات الإقليمية. دفع هذا الوضع المؤسف المجتمع الدولي، بما في ذلك واشنطن ولندن، إلى تكثيف جهودهما الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإيجاد مسار سياسي يضمن عدم تكرار العنف. تتجه الأنظار حاليًا نحو التفكير في سيناريوهات "اليوم التالي" للحرب، والتي تشمل قضايا حوكمة غزة، إعادة الإعمار، وترتيبات الأمن المستدامة.

في ظل هذه الظروف، يُنظر إلى أي إطار للسلام، حتى لو كان قديمًا ومثيرًا للجدل، على أنه نقطة انطلاق محتملة للمناقشات، خاصة إذا كان يوفر بعض الملامح الهيكلية لمعالجة القضايا الأساسية للصراع. تدرك العاصمتان أن إنهاء الأعمال العدائية في غزة وحده لن يكون كافيًا دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع وتحقيق سلام دائم وشامل.

الدفعة الدبلوماسية المشتركة

تأتي المباحثات الأمريكية البريطانية كجزء من جهود أوسع لتنسيق المواقف الدولية حول الأزمة في الشرق الأوسط. تشير التقارير إلى أن النقاشات تركز على بنود معينة من خطة ترامب، والتي قد توفر بعض الأسس لإطار عمل مستقبلي. من المحتمل أن تشمل هذه البنود ترتيبات أمنية مقترحة، ومسائل تتعلق بالنمو الاقتصادي، ومقترحات لإدارة بعض المناطق. يبحث الطرفان كيفية تكييف هذه المقترحات مع الواقع الجيوسياسي الحالي والتعقيدات الناجمة عن حرب غزة الأخيرة.

الترتيبات الأمنية: استكشاف سبل ضمان أمن إسرائيل والفلسطينيين، بما في ذلك إمكانيات وجود قوات دولية أو إقليمية.
التنمية الاقتصادية: التركيز على آليات إعادة إعمار غزة ودعم الاقتصاد الفلسطيني الأوسع، مع استخدام خطة ترامب كنموذج لتمويل المشاريع.
القضايا السياسية الجوهرية: إعادة النظر في المقترحات المتعلقة بالحدود، وضع القدس، ومستقبل المستوطنات، مع محاولة إيجاد صيغ مقبولة للطرفين، رغم التحديات الكبيرة.

يهدف هذا التنسيق إلى بناء جبهة دولية موحدة لدفع عملية السلام إلى الأمام، مع التأكيد على أهمية دور كل من واشنطن ولندن كلاعبين رئيسيين في الدبلوماسية العالمية.

التحديات والانتقادات المحتملة

لا تخلو محاولة إحياء أي جزء من خطة ترامب من تحديات كبيرة. فالخطة لا تزال تواجه معارضة قوية من الجانب الفلسطيني، الذي يرى أنها لا تلبي تطلعاته المشروعة لدولة قابلة للحياة ذات سيادة كاملة. كما أن الوضع السياسي في إسرائيل، وتعقيدات المشهد الإقليمي، يزيدان من صعوبة التوصل إلى توافق. بالإضافة إلى ذلك، قد يثير أي اقتراح يرتكز على خطة ترامب مخاوف بشأن تقويض القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع.

يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة هذه المبادرات الدبلوماسية على تجاوز العقبات التاريخية والسياسية الحالية، وإيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتصارعة التي لا تزال مواقفها متباعدة جدًا بشأن القضايا الجوهرية للسلام.

تطلعات نحو المستقبل

تشير هذه المباحثات إلى أن واشنطن ولندن عازمتان على البحث عن حلول جدية وطويلة الأمد للأزمة في الشرق الأوسط، حتى لو تطلب الأمر إعادة النظر في مقترحات سابقة. إن التركيز على خطة ترامب، رغم الانتقادات الموجهة إليها، يعكس رغبة في استكشاف جميع الخيارات المتاحة لكسر الجمود. يبقى الطريق نحو سلام دائم محفوفًا بالصعاب، لكن الدفع الدبلوماسي المستمر يظل عنصراً حيوياً في أي عملية تسعى لتحقيق الاستقرار والعدالة للمنطقة.

على الرغم من عدم وجود جدول زمني محدد لإحراز تقدم، فإن استمرار الحوار بين القوى الكبرى يعد خطوة أساسية نحو بناء إطار يمكن أن يمهد الطريق لمفاوضات مستقبلية أكثر فعالية.