عمال الحراسة والنظافة والطبخ ينتفضون للمطالبة بحقوقهم وتحسين ظروف عملهم

شهدت عدة مدن ومؤسسات عمومية في البلاد، خلال الأيام القليلة الماضية، تصعيداً ملحوظاً في حركات احتجاجية يقودها أعوان وعاملون في قطاعات الحراسة والنظافة والطبخ. تأتي هذه الاحتجاجات ضمن سياق مطالب مزمنة تتعلق بتحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية لهذه الفئة التي تُعد ركيزة أساسية في تشغيل المرافق العامة، لكنها غالباً ما تعاني من ظروف عمل هشة وقلة في الحقوق. وقد عكست هذه التحركات غضباً متزايداً إزاء تماطل الجهات المعنية في الاستجابة لمطالبهم الأساسية، ما دفعهم إلى تنظيم وقفات ومسيرات للمطالبة بتدخل عاجل.

خلفية الأزمة والمطالب الرئيسية

تعود جذور الأزمة التي يعيشها عمال الحراسة والنظافة والطبخ إلى سنوات عديدة، حيث يعاني غالبية هؤلاء العمال من وضعية التوظيف غير المستقرة، وغالباً ما يعملون تحت نظام التعاقد المؤقت أو من خلال شركات المناولة (الوساطة). هذه الوضعية تفقدهم العديد من الضمانات والحقوق التي يتمتع بها الموظفون الدائمون في القطاع العام. تشمل أبرز مطالب المحتجين ما يلي:

الإدماج المباشر: يطالب العمال بالإدماج في الوظيفة العمومية بشكل مباشر، وإنهاء العمل بنظام التعاقد مع شركات المناولة، التي يعتبرونها تستغل جهودهم وتحرمهم من الاستقرار الوظيفي.
تحسين الأجور: يشتكي العمال من ضعف الأجور التي لا تتناسب مع مجهوداتهم ومعدل التضخم، مطالبين بزيادة الأجور وتوحيدها لضمان حد أدنى لائق للمعيشة.
تغطية اجتماعية وصحية: يفتقر عدد كبير من العمال للتغطية الاجتماعية والصحية الشاملة، ما يجعلهم عرضة للمخاطر الصحية والاجتماعية دون حماية كافية.
ظروف عمل لائقة: المطالبة بتوفير أدوات ومعدات عمل مناسبة، وتحسين بيئة العمل، وتقليل ساعات العمل المفرطة في بعض الحالات.
التعويض عن ساعات العمل الإضافية: ضمان احتساب وتعويض ساعات العمل الإضافية، وخاصة في أوقات المناسبات والعطل الرسمية.

التطورات الأخيرة وردود الفعل

تصاعدت وتيرة الاحتجاجات بشكل ملحوظ في مطلع شهر يونيو 2024، حيث نظم العمال وقفات احتجاجية أمام مقرات الإدارات والمؤسسات التي يعملون بها، مثل المستشفيات والجامعات والمدارس والمقرات الحكومية. وقد شملت هذه التحركات مناطق مختلفة، ما يعكس تنسيقاً نسبياً بين الفئات المتضررة.

من جانبها، تباينت ردود فعل الجهات المسؤولة. ففي بعض الحالات، وعدت الإدارات بفتح باب الحوار، بينما في حالات أخرى، قوبلت المطالب بالصمت أو التأجيل، مما زاد من إصرار العمال على مواصلة تحركاتهم. كما تدخلت بعض النقابات العمالية لدعم مطالب هذه الفئة والدعوة إلى حلول جذرية تضمن حقوقهم.

تأثير الاحتجاجات وأهمية القضية

لقد أثرت هذه الاحتجاجات بشكل محدود، حتى الآن، على سير العمل في بعض المرافق، حيث يمثل عمال الحراسة والنظافة والطبخ شريحة حيوية لضمان استمرارية الخدمات الأساسية. ومع ذلك، فإن الأهمية الحقيقية لهذه التحركات تتجاوز التأثير اليومي المباشر.

تُسلط هذه القضية الضوء على تحديات أوسع تتعلق بالعدالة الاجتماعية وحقوق العمال في القطاعات الهشة، وتثير تساؤلات حول نموذج التوظيف والتعاقد في القطاع العام. إن استمرار تهميش هذه الفئة العاملة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية وتقويض جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. لذا، فإن الاستجابة لمطالبهم لا تُعد مجرد استجابة لمطالب فئوية، بل هي خطوة نحو تحقيق بيئة عمل أكثر عدلاً واستقراراً وخدمة عمومية أفضل.

يُتوقع أن تستمر هذه الاحتجاجات وتتطور في حال عدم التوصل إلى حلول ملموسة وعاجلة، مما يضع القضية في صدارة الاهتمام العام ويزيد الضغط على صناع القرار لإيجاد مخرج يحقق التوازن بين الحفاظ على استقرار الخدمات وضمان حقوق العمال.