وفاة مصورين في حادث تصوير يثير غضب يسري نصرالله ويسلط الضوء على ظروف العمل بالقطاع
شهد الوسط الفني في مصر حالة من الحزن والغضب أواخر شهر نوفمبر 2023، عقب الوفاة المأساوية للمصورين الشابين ماجد هلال وكيرلس صلاح إثر حادث سير مروع تعرضا له أثناء تصوير أحد الإعلانات التجارية. الحادث لم يكن مجرد خبر محزن، بل فتح الباب مجددًا للنقاش حول معايير السلامة المهنية وظروف العمل التي وصفت بـ "اللاإنسانية" في قطاع الإنتاج الفني والإعلاني.

تفاصيل الحادث المأساوي
وقع الحادث على طريق صحراوي بمنطقة وادي النطرون، حيث كان فريق العمل يصور إعلانًا لإحدى شركات السيارات. ووفقًا للمعلومات المتداولة، كان المصوران الراحلان، اللذان يعملان كمساعدي تصوير، يستقلان سيارة مخصصة لتصوير سيارة أخرى تسير بسرعة عالية. وخلال عملية المطاردة التصويرية، انقلبت سيارة الطاقم عدة مرات، مما أدى إلى وفاة هلال وصلاح على الفور وإصابة آخرين من زملائهم بإصابات بالغة. وسرعان ما انتشر الخبر ليصدم زملاءهم في الصناعة والمتابعين على حد سواء، خاصة مع تداول صور للسيارة المحطمة التي كشفت عن قوة الاصطدام.
ردود فعل غاضبة وبيانات رسمية
كانت ردود الفعل على الحادث قوية، وجاء أبرزها من المخرج السينمائي الكبير يسري نصرالله، الذي عبر عن سخطه الشديد في منشور مؤثر عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي. هاجم نصرالله ما وصفه بـ "الإهمال الإجرامي" و"الاستهتار" بأرواح العاملين خلف الكاميرات من أجل خفض تكاليف الإنتاج. واشتهرت عبارته "نفسي أشتمنا كلنا" كتعبير عن حالة الغضب واليأس من تكرار مثل هذه الحوادث دون محاسبة حقيقية، محملاً الصناعة بأكملها مسؤولية ما حدث. وقد أثار منشوره تفاعلًا واسعًا، حيث تضامن معه عدد كبير من الفنانين والمخرجين الذين شاركوا تجاربهم مع ظروف العمل الصعبة وساعات التصوير الطويلة التي تتجاوز المعايير الآمنة.
من جانبها، أصدرت نقابة المهن السينمائية بيانًا رسميًا نعت فيه الشابين الراحلين، مؤكدة أنها تتابع تداعيات الحادث مع الجهات المعنية للوقوف على أسبابه وتحديد المسؤوليات. كما دعا العديد من أعضاء النقابة إلى ضرورة تفعيل لوائح صارمة لضمان سلامة جميع العاملين في مواقع التصوير وتطبيق عقوبات رادعة على شركات الإنتاج التي تتهاون في توفير بيئة عمل آمنة.
قضية أكبر من مجرد حادث
لم تكن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها، لكنها سلطت الضوء بشكل مكثف على القضايا النظامية التي يعاني منها الكثير من العاملين في مجال الإنتاج الفني في مصر. فتحت المأساة نقاشًا عامًا حول عدة نقاط جوهرية، من بينها:
- ساعات العمل الطويلة: كثيرًا ما يضطر طواقم العمل إلى التصوير لساعات متواصلة تتجاوز 18 ساعة يوميًا، مما يؤدي إلى الإرهاق الشديد وانعدام التركيز ويزيد من احتمالية وقوع الحوادث.
 - غياب معايير السلامة: غالبًا ما يتم تجاهل إجراءات السلامة الأساسية، خاصة في المشاهد الخطرة التي تتضمن سيارات أو مؤثرات خاصة، وذلك في محاولة لتوفير الوقت أو خفض الميزانية.
 - الضغط على العاملين: يواجه الفنيون والعاملون خلف الكاميرات ضغوطًا هائلة لتنفيذ رؤية المخرج والمنتج بأي ثمن، مما يجعلهم يقبلون بمخاطر مهنية كان من الممكن تجنبها.
 
أعادت وفاة ماجد هلال وكيرلس صلاح إلى الأذهان حوادث سابقة راح ضحيتها فنيون وعاملون في القطاع، مما يؤكد أن ما حدث ليس مجرد مصادفة، بل هو نتيجة لثقافة عمل تحتاج إلى مراجعة وتغيير جذري لتقدير حياة الأفراد قبل أي اعتبارات إنتاجية أو مادية.





