تعاون مصري صيني: وفد «ولفاكس» يبحث مع «فاكسيرا» نقل تقنية لقاح التهاب السحايا الثنائي

استقبلت الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات (فاكسيرا) في مصر مؤخرًا، وفدًا رفيع المستوى من شركة «ولفاكس» الصينية، إحدى الشركات الرائدة عالميًا في مجال التكنولوجيا الحيوية واللقاحات. تهدف هذه الزيارة إلى تعزيز التعاون الثنائي بين الجانبين ومتابعة تنفيذ المشروعات المشتركة، مع التركيز بشكل خاص على بحث سبل نقل تكنولوجيا تصنيع لقاح التهاب السحايا الثنائي إلى مصر. يمثل هذا التوجه خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن الصحي المصري وتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج اللقاحات الحيوية.

خلفية وأهمية التعاون

تعد «فاكسيرا» الذراع الرئيسي للدولة المصرية في إنتاج وتوزيع اللقاحات والأمصال، وتلعب دورًا محوريًا في توفير احتياجات البلاد من المستحضرات الحيوية. تأتي هذه الجهود في إطار رؤية مصر 2030 التي تستهدف تعزيز القدرات الصناعية والبحثية في قطاع الدواء واللقاحات، وتقليل الاعتماد على الاستيراد. لطالما كانت مصر تسعى إلى توطين صناعة الأدوية واللقاحات لضمان توافرها بأسعار معقولة، خصوصًا في أوقات الأزمات الصحية العالمية.

من جانبها، تعد شركة «ولفاكس» الصينية لاعبًا عالميًا رئيسيًا في تطوير وتصنيع اللقاحات المختلفة. يتميز التعاون مع شركات صينية بقدرته على تسريع وتيرة نقل التكنولوجيا والخبرات، نظرًا للتقدم الكبير الذي أحرزته الصين في هذا المجال. تتماشى هذه الشراكة مع التوجهات المصرية لتعزيز العلاقات مع الدول الآسيوية الكبرى، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتكنولوجيا.

تفاصيل لقاح التهاب السحايا الثنائي

التهاب السحايا هو عدوى خطيرة تصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي، ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة أو الوفاة إذا لم يتم علاجها بسرعة. اللقاح الثنائي يستهدف عادةً نوعين شائعين من بكتيريا النيسرية السحائية (مثل مجموعتي A و C أو C و W135)، اللتين تسببان معظم حالات المرض. توفير هذا اللقاح محليًا له أهمية قصوى في مصر، حيث يمكن أن تساعد برامج التحصين المنتظمة في حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، خصوصًا الأطفال والحجاج والمسافرين.

يعد توطين تصنيع هذا اللقاح خطوة مهمة لضمان استدامة برامج التطعيم الوطنية. بدلاً من الاعتماد الكلي على استيراد اللقاحات، ستتمكن «فاكسيرا» من إنتاج كميات كافية لتلبية الطلب المحلي، بل وربما التفكير في التصدير إلى دول أخرى في المنطقة، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لتصنيع اللقاحات.

نقل التكنولوجيا والآثار المتوقعة

لا يقتصر نقل التكنولوجيا على استيراد خطوط الإنتاج فحسب، بل يشمل مجموعة أوسع من العمليات والخبرات. من المتوقع أن يتضمن التعاون بين «ولفاكس» و«فاكسيرا» الجوانب التالية:

تدريب الكوادر المصرية: سيتم تدريب المهندسين والفنيين والباحثين المصريين على أحدث تقنيات التصنيع، ومراقبة الجودة، والبحث والتطوير في مجال اللقاحات.
بناء القدرات البحثية: قد يمهد هذا التعاون الطريق لمشاريع بحثية مشتركة تهدف إلى تكييف اللقاحات مع الاحتياجات المحلية أو تطوير أجيال جديدة منها.
تجهيز البنية التحتية: سيتطلب التصنيع المحلي تحديث أو إنشاء مرافق جديدة تتماشى مع المعايير الدولية لتصنيع المنتجات الصيدلانية الجيدة (GMP).
ضمان الجودة: سيتم تطبيق أعلى معايير الجودة لضمان فعالية وسلامة اللقاحات المنتجة محليًا، وفقًا للإرشادات الدولية والمحلية.

تتمثل الآثار المتوقعة لهذه الخطوة في تعزيز قدرة مصر على الاستجابة الفعالة لأي تحديات صحية مستقبلية، سواء كانت أوبئة محلية أو عالمية. كما يسهم ذلك في توفير فرص عمل جديدة في قطاع الصناعات الدوائية، ويقلل من الأعباء المالية على الميزانية العامة للدولة نتيجة لخفض تكاليف الاستيراد.

الرؤية المستقبلية

يمثل هذا التعاون جزءًا من استراتيجية أوسع لمصر لتوسيع قاعدة تصنيع اللقاحات، والتي شهدت في الآونة الأخيرة جهودًا مكثفة لتوطين لقاحات أخرى مثل لقاحات كوفيد-19. تهدف مصر من خلال هذه الشراكات إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا لتصنيع اللقاحات في أفريقيا والشرق الأوسط، بما يتماشى مع التزاماتها تجاه مبادرات الصحة العالمية ودعم الدول النامية.

تؤكد زيارة وفد «ولفاكس» على الثقة المتبادلة بين الجانبين والالتزام المشترك بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف المتعلق بالصحة الجيدة والرفاه. ومع استمرار المناقشات والجهود المشتركة، يتوقع أن يشهد المستقبل القريب تقدمًا ملموسًا في هذا المشروع الحيوي، مما يعود بالنفع على صحة وسلامة المجتمع المصري والمنطقة ككل.