OpenAI تنتقل إلى نموذج الربحية: مايكروسوفت تؤمن 27% من الأرباح حتى 2032
يمثل تحول شركة OpenAI الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي نحو نموذج تشغيلي يهدف للربحية، وتأمين شركة مايكروسوفت لحصة كبيرة تبلغ 27% من أرباحها حتى عام 2032، نقطة تحول مفصلية في صناعة التكنولوجيا. هذا التطور يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين الكيانين، التي بدأت في عام 2019، ويحدد مساراً جديداً لتمويل وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

خلفية الشراكة والنموذج الفريد لـ OpenAI
تأسست OpenAI في عام 2015 كمؤسسة غير ربحية تهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI) بطريقة آمنة ومفيدة للبشرية جمعاء. إلا أن الطموحات البحثية الهائلة ومتطلبات الحوسبة الضخمة لتدريب النماذج المعقدة دفعتها إلى إدراك الحاجة إلى رأس مال كبير لا يمكن توفيره من خلال التبرعات وحدها. بناءً عليه، في عام 2019، أسست OpenAI ذراعاً تجارياً تحت مظلة كيانها غير الربحي، يعمل بنموذج «الربح المحدود» (Capped-Profit). يتيح هذا النموذج للمستثمرين تحقيق عائد على استثماراتهم يصل إلى مضاعفات محددة، وبعدها تعود أي أرباح إضافية إلى المؤسسة الأم غير الربحية لتمويل مهمتها الأصلية.
في العام ذاته، قامت مايكروسوفت بضخ استثمار أولي بقيمة مليار دولار في OpenAI، معلنة بذلك بداية شراكة واسعة النطاق. وقد تعمقت هذه العلاقة بشكل كبير في يناير 2023، عندما أعلنت مايكروسوفت عن استثمار إضافي لعدة مليارات من الدولارات، قُدر في تقارير إعلامية بـ 10 مليارات دولار، وهو ما عزز مكانة مايكروسوفت كشريك استراتيجي رئيسي ومزود للبنية التحتية السحابية لـ OpenAI عبر منصة Azure.
تفاصيل اتفاقية تقاسم الأرباح
تضمن الاتفاقية المحدثة بين الشركتين أن تسترد مايكروسوفت استثماراتها الضخمة وأن تحصل على 27% من أرباح OpenAI حتى عام 2032، أو إلى أن تسترد كامل استثماراتها وعائداً متفقاً عليه. يُنظر إلى هذه الحصة كجزء من ترتيب استرداد الاستثمار (recoupment arrangement) الذي يسمح لـ مايكروسوفت بجني ثمار نجاح OpenAI التجاري بينما تظل الأخيرة ملتزمة بمهمتها الأساسية.
تُعد هذه الشراكة متعددة الأوجه، حيث توفر مايكروسوفت لـ OpenAI وصولاً حصرياً إلى موارد الحوسبة الفائقة عبر سحابة Azure، وهي ضرورية لتدريب وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل GPT-4 و DALL-E. في المقابل، تحصل مايكروسوفت على حقوق الترخيص الحصرية لدمج تقنيات OpenAI الرائدة في مجموعة منتجاتها وخدماتها، بما في ذلك محرك بحث Bing، ومنصة Microsoft 365، وخدمات Azure AI.
تداعيات الشراكة على القطاع والشركتين
لهذه الصفقة تداعيات واسعة النطاق على كل من OpenAI ومايكروسوفت، وعلى مشهد الذكاء الاصطناعي ككل:
- بالنسبة لـ OpenAI: تضمن هذه الاتفاقية تدفقاً مستقراً وكبيراً للتمويل، مما يمكنها من مواصلة أبحاثها الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي العام دون قيود مالية. كما يوفر لها الوصول إلى بنية تحتية حاسوبية لا مثيل لها، مما يسرع من وتيرة الابتكار.
- بالنسبة لـ مايكروسوفت: تعزز هذه الشراكة بشكل كبير مكانة مايكروسوفت كقوة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. لقد مكّنها دمج تقنيات OpenAI من إطلاق منتجات وخدمات مبتكرة مثل مساعد Copilot الذكي وتطوير Bing المعزز بالذكاء الاصطناعي، مما يمنحها ميزة تنافسية حاسمة ضد شركات مثل Google وAmazon.
- على صعيد صناعة الذكاء الاصطناعي: تحدد هذه الصفقة نموذجاً جديداً للشراكات الاستراتيجية بين عمالقة التكنولوجيا وشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة. كما تثير تساؤلات حول التوازن بين السعي للربح والحفاظ على المبادئ الأخلاقية ومهمة خدمة البشرية في تطوير الذكاء الاصطناعي، خاصة مع تزايد قوة وتأثير هذه التقنيات.
باختصار، يمثل هذا التحول في نموذج عمل OpenAI واستثمار مايكروسوفت الكبير دليلاً على الأهمية المتزايدة للذكاء الاصطناعي كقوة محركة للاقتصاد العالمي، ومؤشراً على المستقبل التعاوني والمعقد لتطوير هذه التكنولوجيا التحويلية.




