أنتوني هوبكنز يثير جدلًا بوصفه تشخيصات التوحد بـ "الموضة"
أثار الممثل الشهير السير أنتوني هوبكنز موجة واسعة من الجدل والنقاش في أواخر عام 2024، بعد تصريحات أدلى بها خلال مقابلة صحفية شكك فيها في صحة التشخيصات النفسية الحديثة، واصفًا تشخيص اضطراب طيف التوحد على وجه الخصوص بأنه مجرد "موضة". جاءت هذه التعليقات لتمثل مفارقة كبيرة، نظرًا لأن هوبكنز نفسه قد تم تشخيصه كشخص على طيف التوحد في مرحلة متأخرة من حياته، مما أضاف عمقًا وتعقيدًا لردود الفعل المتباينة التي تبعت تصريحاته.

تفاصيل التصريحات وسياقها
خلال حوار أُجري معه، أعرب هوبكنز عن رفضه لما وصفه بـ "إضفاء الطابع المرضي على كل شيء" في المجتمع الحديث. وذكر أن الناس أصبحوا يسارعون إلى إطلاق التسميات والتشخيصات على أنفسهم وعلى الآخرين، معتبرًا أن هذه الممارسة أصبحت شائعة. وفي هذا السياق، استخدم كلمة "موضة" لوصف انتشار تشخيصات التوحد، مشيرًا إلى أنه لا يؤمن بهذه "التصنيفات" ويرى أنها تبسيط مخل للطبيعة البشرية المعقدة. وأوضح أنه يفضل النظر إلى سلوكياته وخصائصه الشخصية على أنها نتاج لتربيته وتجاربه الحياتية، وليس كأعراض لحالة طبية.
خلفية تشخيص هوبكنز الشخصي
تكتسب تصريحات هوبكنز أهمية خاصة لأن الممثل نفسه كشف في وقت سابق عن تشخيصه بمتلازمة أسبرجر، وهي حالة تندرج الآن ضمن اضطراب طيف التوحد (ASD)، وذلك في سن السبعين. على مر السنين، تحدث هوبكنز عن تشخيصه بطرق مختلفة؛ ففي بعض الأحيان كان يصفه بأنه "قوة خارقة" ساعدته في مسيرته الفنية ومنحته ذاكرة استثنائية وقدرة على رؤية الأنماط، وفي أحيان أخرى كان يقلل من أهميته. ويعكس موقفه الأخير تشككًا متزايدًا في قيمة هذا التشخيص من وجهة نظره الشخصية، وهو ما يتعارض بشكل مباشر مع تجارب الكثيرين الذين يعتبرون التشخيص خطوة أساسية لفهم ذواتهم والحصول على الدعم اللازم.
ردود الفعل والانتقادات
قوبلت آراء هوبكنز بانتقادات حادة من قبل العديد من المنظمات الداعمة للتوحد، والنشطاء في مجال الصحة النفسية، وأفراد من مجتمع التوحد. تركزت الانتقادات على عدة نقاط رئيسية، منها:
- التقليل من شأن التجربة: اعتبر الكثيرون أن وصف التوحد بـ "الموضة" يقلل من خطورة التحديات الحقيقية التي يواجهها الأفراد المصابون بالتوحد وأسرهم يوميًا، والتي تتراوح بين الصعوبات الاجتماعية والحسية والوظيفية.
- تعزيز الوصمة: حذر الخبراء من أن مثل هذه التصريحات، خاصة عندما تصدر عن شخصية عامة ومؤثرة، يمكن أن تعزز المفاهيم الخاطئة والوصمة المحيطة بالتوحد والصحة النفسية بشكل عام.
- تجاهل الأساس العلمي: أكد أطباء وعلماء نفس أن اضطراب طيف التوحد هو حالة نمائية عصبية معترف بها ولها أساس علمي، وتشخيصها يتم بناءً على معايير دقيقة، وهي أبعد ما تكون عن كونها مجرد "موضة" عابرة.
في المقابل، دافع عدد قليل من المعلقين عن هوبكنز، معتبرين أن تصريحاته قد تكون نقدًا مشروعًا لظاهرة "التشخيص المفرط" في بعض المجتمعات، أو أنها مجرد تعبير عن تجربته الشخصية التي لا ينبغي تعميمها.
الأهمية والتأثير
تكمن أهمية هذا الجدل في أنه يسلط الضوء على النقاش المستمر حول كيفية فهم وتصنيف السلوك البشري والتعامل مع التنوع العصبي. كما يبرز التوتر بين التجربة الفردية لشخص ما مع تشخيصه، وبين الإجماع الطبي والعلمي. وقد أعادت تصريحات هوبكنز فتح الباب أمام حوار أوسع حول دور المشاهير في تشكيل الرأي العام بشأن القضايا الصحية المعقدة، وأهمية استخدام لغة دقيقة ومسؤولة عند الحديث عن الصحة النفسية لتجنب إلحاق الأذى بفئات قد تكون هشة بالفعل.





