متحف شرم الشيخ يستضيف ورشة فن المندالا احتفالاً باليوم العالمي للصحة النفسية
في خطوة تعكس التزامه بتعزيز الوعي المجتمعي ودعم قضايا الصحة النفسية، نظم متحف شرم الشيخ يوم العاشر من أكتوبر الجاري ورشة عمل فنية تفاعلية حول فن المندالا، وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية. استهدفت الورشة الأطفال، مقدمةً لهم تجربة فريدة تجمع بين الفن العلاجي والتوعية بأهمية العناية بالصحة العقلية منذ الصغر. تأتي هذه المبادرة في إطار الدور الثقافي المتنامي للمتحف، والذي يسعى لدمج التراث الفني والوعي الأثري بالقضايا الإنسانية المعاصرة، مؤكداً على أهمية مشاركة المؤسسات الثقافية في المناسبات العالمية لدعم المجتمع.

اليوم العالمي للصحة النفسية: أهمية التوعية والدعم
يُحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية في العاشر من أكتوبر من كل عام، وهو يوم مخصص لزيادة الوعي بقضايا الصحة النفسية حول العالم، وحشد الجهود لدعم الصحة العقلية كحق أساسي من حقوق الإنسان. تهدف هذه المناسبة العالمية، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، إلى تسليط الضوء على الاضطرابات النفسية وتأثيرها على حياة الأفراد والمجتمعات، بالإضافة إلى الترويج لثقافة التحدث بصراحة عن الصحة النفسية وكسر حاجز الوصمة المرتبطة بها. تتنوع الأنشطة والفعاليات التي تقام في هذا اليوم لتشمل الحملات التوعوية، ورش العمل، والندوات التي تستعرض أحدث الأساليب في العلاج والدعم النفسي. إن الاهتمام بالصحة النفسية لا يقل أهمية عن الصحة الجسدية، ويسهم بشكل مباشر في بناء مجتمعات أكثر قوة ومرونة وإنتاجية.
فن المندالا كأداة للعلاج النفسي والإبداع
يُعرف فن المندالا، وهو مصطلح سنسكريتي يعني "دائرة" أو "مركز"، بكونه رسومًا هندسية معقدة ومتناظرة، تحمل في طياتها دلالات روحية ورمزية عميقة في العديد من الثقافات، خاصة في البوذية والهندوسية. على مر العصور، تطور استخدام المندالا ليصبح أداة قوية في التعبير الفني والتأمل والعلاج النفسي. تتمثل أهمية فن المندالا في قدرته على:
- تعزيز التركيز والانتباه: تتطلب رسومات المندالا مستوى عالٍ من الدقة والتركيز، مما يساعد على تحسين القدرة على الانتباه والتركيز الذهني.
- تخفيف التوتر والقلق: يعتبر الرسم والتلوين بشكل عام، وفن المندالا بشكل خاص، نشاطًا تأمليًا يساعد على تهدئة العقل وتقليل مستويات التوتر والقلق.
- تحفيز الإبداع والتعبير عن الذات: يوفر فن المندالا مساحة آمنة للأفراد للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بطريقة غير لفظية، مما يعزز الإبداع ويساعد على استكشاف الذات.
- تحسين المهارات الحركية الدقيقة: خاصة للأطفال، يساعد رسم الأشكال المعقدة وتلوينها على تطوير التنسيق بين العين واليد والمهارات الحركية الدقيقة.
- تعزيز الشعور بالهدوء والاستقرار الداخلي: من خلال التركيز على النمط المتكرر والتناظر، يمكن أن يؤدي فن المندالا إلى حالة من الهدوء والتوازن النفسي.
لذلك، كان اختيار فن المندالا لورشة الأطفال بمتحف شرم الشيخ اختيارًا موفقًا، لأنه يجمع بين الجاذبية البصرية والفوائد العلاجية التي تخدم أهداف اليوم العالمي للصحة النفسية.
تفاصيل الورشة ودور المتحف الثقافي
استقبل متحف شرم الشيخ عددًا من الأطفال المشاركين في ورشة فن المندالا، حيث قدم لهم فنانون متخصصون إرشادات حول كيفية تصميم وتلوين رسومات المندالا الخاصة بهم. تم تزويد الأطفال بكافة الأدوات اللازمة، من الأوراق والألوان المختلفة، في بيئة محفزة على الإبداع والاستكشاف. لم تقتصر الورشة على الجانب الفني فحسب، بل تضمنت أيضًا فقرات توعوية مبسطة تتناسب مع أعمار الأطفال، حول أهمية المشاعر الإيجابية وكيفية التعامل مع الضغوط اليومية بطرق صحية. سعى المتحف من خلال هذه الورشة إلى غرس بذور الوعي بالصحة النفسية في نفوس النشء، مشجعاً إياهم على استخدام الفن كمنفذ للتعبير عن الذات ومواجهة التحديات.
تجسد هذه المبادرة الدور المتطور للمتاحف ككيانات تتجاوز مجرد عرض التحف الأثرية، لتصبح مراكز ثقافية حيوية تساهم في بناء المجتمع وتوعيته. فمن خلال تنظيم فعاليات تجمع بين الفن والعلوم والصحة، يبرهن متحف شرم الشيخ على التزامه بخدمة أوسع نطاق ممكن من الجمهور، وتعزيز فهمهم ليس فقط للتاريخ والتراث، ولكن أيضًا للقضايا المعاصرة التي تؤثر على حياتهم. يؤكد هذا النهج على أن المؤسسات الثقافية يمكن أن تكون جسراً يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، وأنها قادرة على إحداث تأثير إيجابي ملموس في وعي الأفراد ورفاهيتهم.
تأثير المبادرة وآفاق المستقبل
لاقت ورشة فن المندالا في متحف شرم الشيخ استحسانًا كبيرًا من الأطفال المشاركين وأولياء أمورهم، الذين أشادوا بالفكرة المبتكرة لربط الفن بالصحة النفسية. وقد لوحظ تفاعل الأطفال الإيجابي مع الأنشطة، وشعورهم بالاسترخاء والبهجة أثناء ممارسة الرسم. يُتوقع أن تسهم هذه التجربة في ترسيخ فهم مبكر لأهمية الصحة النفسية لدى الأطفال، وتشجيعهم على استكشاف الفنون كوسيلة للتعبير عن الذات والتغلب على الضغوط. كما أنها تشكل مثالاً يحتذى به للمؤسسات الثقافية الأخرى لتبني مبادرات مماثلة، خاصة وأن التوعية بالصحة النفسية لم تعد قضية ثانوية، بل أصبحت ضرورة ملحة في عالمنا المعاصر. يطمح منظمو الورشة إلى أن تكون هذه الفعالية بداية لسلسلة من الأنشطة المستقبلية التي تدمج الفن بالصحة والتعليم، مما يعزز دور المتحف كمنارة للتنوير والتطوير المجتمعي في منطقة شرم الشيخ وما حولها.





