متحف شرم الشيخ يُعزز الصحة النفسية للأطفال بورشة "فن المندالا"
في مبادرة تعكس التزام المؤسسات الثقافية بالصحة المجتمعية، نظَّم متحف شرم الشيخ مؤخرًا ورشة فنية تفاعلية للأطفال تحت عنوان "فن المندالا". جاء هذا النشاط، الذي لاقى إقبالاً، في إطار الاحتفال بـ اليوم العالمي للصحة النفسية، مؤكدًا على الدور المحوري للفنون في دعم التوازن النفسي وتنمية الإبداع لدى النشء. وتسعى هذه الورشة إلى تقديم نهج فريد يجمع بين التعبير الفني والوعي بأهمية الصحة النفسية منذ الصغر، مما يسلط الضوء على مسؤولية المتاحف الثقافية في تجاوز عرض المقتنيات ليشمل التفاعل المجتمعي الفعال.

أهمية الصحة النفسية للأطفال ودور الفن في دعمها
تُعد الصحة النفسية للأطفال ركيزة أساسية لنموهم السليم وتطورهم المستقبلي. ففي عالم مليء بالتحديات والضغوط، تتزايد الحاجة إلى توفير أدوات وآليات لمساعدة الأطفال على فهم مشاعرهم والتعبير عنها بطرق صحية. ويُحتفل بـ اليوم العالمي للصحة النفسية في العاشر من أكتوبر من كل عام، بهدف رفع مستوى الوعي العالمي بقضايا الصحة النفسية، وتعبئة الجهود لدعمها، ومكافحة الوصمة المرتبطة بها. وفي هذا السياق، يُبرز المتحف أهمية دمج الأنشطة الإبداعية كجزء لا يتجزأ من استراتيجيات تعزيز الصحة النفسية.
يمتلك الفن، وخاصة الفن التجريدي مثل المندالا، قدرة فريدة على التأثير إيجابًا في الحالة النفسية للأطفال. فهو يوفر مساحة آمنة لهم للتعبير عن أنفسهم دون الحاجة للكلمات، ويُسهم في تقليل التوتر والقلق. من خلال الألوان والأشكال والأنماط المتكررة، يمكن للأطفال التركيز والانغماس في النشاط الفني، مما يُعزز لديهم الشعور بالهدوء والاسترخاء. كما أن هذه الأنشطة تنمي مهارات التركيز والانتباه، وتُحفز التفكير الإبداعي والابتكاري، وتُعزز التنسيق بين العين واليد، وهي كلها عناصر ضرورية للتطور المعرفي والعاطفي.
- التعبير غير اللفظي: يمنح الفن الأطفال طريقة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم التي قد يجدون صعوبة في التعبير عنها لفظيًا.
- تخفيف التوتر والقلق: تساعد الأنشطة الفنية الهادئة مثل الرسم والتلوين على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل مستويات التوتر.
- تعزيز التركيز والانتباه: تتطلب المندالا الدقة والتركيز على التفاصيل، مما يُحسن قدرة الطفل على الانتباه.
- تنمية الإبداع: تُطلق العنان لخيال الأطفال وتشجعهم على استكشاف الألوان والأشكال بحرية.
- الشعور بالإنجاز: يمنح إكمال عمل فني الأطفال شعورًا بالفخر والإنجاز، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم.
ورشة "فن المندالا" بمتحف شرم الشيخ: تفاصيل وأهداف
لقد صُممت ورشة "فن المندالا" في متحف شرم الشيخ خصيصًا لتكون تجربة غنية وممتعة للأطفال. تم توفير جميع الأدوات والمواد اللازمة، وشارك الأطفال تحت إشراف متخصصين في توجيههم نحو فن المندالا، وهو فن بصري يعتمد على رسومات دائرية متناظرة، تُستخدم في العديد من الثقافات كأداة للتأمل والتركيز. إن عملية رسم المندالا وتلوينها تُعد بمثابة تمرين ذهني يساعد على ترتيب الأفكار وتهدئة العقل، مما يجعلها مثالية لتعزيز الصحة النفسية لدى الأطفال.
تهدف هذه الورشة إلى تحقيق عدة غايات تربوية ونفسية:
- تعزيز الوعي الذاتي: مساعدة الأطفال على استكشاف مشاعرهم الداخلية من خلال الألوان والأشكال التي يختارونها.
- تنمية المهارات الحركية الدقيقة: يتطلب رسم المندالا دقة في استخدام اليد، مما يُساهم في تطوير المهارات الحركية الدقيقة.
- خلق بيئة إيجابية: توفير مساحة آمنة ومشجعة للأطفال للتفاعل مع أقرانهم والتعبير عن أنفسهم بحرية.
- تقديم أداة عملية: تعليم الأطفال تقنية فنية يمكنهم استخدامها في المستقبل كوسيلة للتأمل والاسترخاء.
إن تنظيم هذه الورشة في متحف شرم الشيخ يعكس رؤية أوسع للمتحف كمؤسسة ثقافية ليست مجرد مستودع للتاريخ والفن، بل كمركز حيوي للتفاعل المجتمعي والتنمية الشاملة. فمن خلال دمج الفعاليات التي تركز على رفاهية الإنسان، لا سيما الأطفال، يُعزز المتحف دوره كمحرك للتغيير الإيجابي في المجتمع، ويُرسخ فكرة أن الثقافة والفن يمكن أن يكونا أدوات قوية للصحة والتعافي.
الأثر والتطلعات المستقبلية
حظيت ورشة "فن المندالا" بتفاعل كبير من الأطفال المشاركين وذويهم. فقد عبر العديد من الآباء عن سعادتهم بمثل هذه المبادرات التي تُقدم لأطفالهم فرصًا فريدة للتعلم والاستمتاع بطرق صحية وإبداعية. كما أن ردود أفعال الأطفال، التي تراوحت بين الحماس والتركيز الهادئ، أكدت على فعالية الفن كوسيلة لتعزيز الهدوء الداخلي والتعبير عن الذات.
تُعد هذه المبادرة خطوة مهمة نحو دمج قضايا الصحة النفسية في الأنشطة الثقافية والتعليمية بشكل أوسع. ويُتوقع أن تُشجع هذه التجربة الناجحة مؤسسات أخرى على تبني برامج مماثلة، تُعزز من الصحة النفسية للأطفال والشباب، وتُسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا بضرورة الرعاية النفسية. فربط الفن بالصحة يُوفر سبيلاً فعالاً لتمكين الأجيال القادمة من مواجهة تحديات الحياة بمرونة وقوة نفسية، ويُظهر أن المتاحف يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في صياغة مستقبل أفضل وأكثر صحة لمجتمعاتها.




