متحف شرم الشيخ يستضيف ورشة فنية لـ "المندالا" احتفالاً باليوم العالمي للصحة النفسية
بدأ متحف شرم الشيخ سلسلة فعالياته التوعوية والثقافية بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، حيث نظم في السابع من أكتوبر عام 2023 ورشة عمل فنية تفاعلية ومخصصة للأطفال، تركزت حول فن "المندالا". تهدف هذه المبادرة إلى دمج الفن كوسيلة فعالة لدعم الصحة النفسية وتعزيز الوعي بأهمية الرعاية الذاتية في المجتمع، خاصة بين الفئات العمرية الصغيرة.
شهدت الورشة إقبالاً ملحوظاً من الأطفال الذين تفاعلوا بشكل إيجابي مع النشاط المقدم. قام المشاركون، تحت إشراف متخصصين، بتعلم أساسيات فن المندالا، والذي يعتمد على رسم أشكال هندسية متناسقة ومتكررة في دوائر مركزية. لم يقتصر الهدف من الورشة على تعليم تقنية فنية فحسب، بل امتد ليشمل توفير بيئة هادئة ومحفزة تساعد الأطفال على التركيز والتعبير عن أنفسهم بحرية. وتمثلت أهمية الورشة في كونها فرصة للأطفال لاستكشاف قدراتهم الإبداعية بطريقة علاجية، حيث يساعد فن المندالا على تنمية مهارات التركيز ويساهم في تخفيف التوتر والقلق.
الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية
تأتي هذه الورشة في سياق الاحتفالات العالمية باليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يوافق العاشر من أكتوبر من كل عام. يهدف هذا اليوم، الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الاتحاد العالمي للصحة النفسية، إلى زيادة الوعي بقضايا الصحة النفسية حول العالم وحشد الجهود لدعم الصحة النفسية كحق إنساني أساسي. كما يسعى إلى كسر الوصمة المرتبطة بالاضطرابات النفسية وتشجيع الأفراد على طلب المساعدة والدعم اللازمين دون خجل.
وفي عام 2023، ركزت الحملة العالمية على جعل الصحة النفسية أولوية عالمية، مسلطة الضوء على التحديات التي تواجه الأفراد والمجتمعات في الوصول إلى خدمات الرعاية النفسية. وتمثل مبادرة متحف شرم الشيخ تجسيدًا محليًا لهذه الأهداف العالمية، حيث تؤكد على دور المؤسسات الثقافية في دعم هذه القضية الحيوية.
فن المندالا كأداة علاجية
يعتبر فن المندالا، وهو مصطلح سنسكريتي يعني "الدائرة"، شكلاً فنياً روحياً وتأملياً نشأ في التقاليد البوذية والهندوسية. يتكون من تصميمات هندسية معقدة ومتناظرة تبدأ من نقطة مركزية وتتوسع outwards. وبعيداً عن أصوله الروحية، اكتسب فن المندالا شعبية واسعة كأداة علاجية فعالة في العصر الحديث.
- تعزيز التركيز والانتباه: يتطلب رسم المندالا مستوى عالياً من التركيز على التفاصيل الدقيقة والأشكال المتكررة، مما يساعد على تشتيت الذهن عن الأفكار السلبية ويعزز اليقظة الذهنية.
- تخفيف التوتر والقلق: تُعد عملية تلوين أو رسم المندالا نشاطاً تأملياً يساهم في خفض مستويات التوتر والقلق، ويوفر شعوراً بالهدوء والاسترخاء.
- التعبير عن الذات: يتيح فن المندالا للأفراد، وخاصة الأطفال، فرصة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بطريقة غير لفظية، مما يعزز الثقة بالنفس والوعي الذاتي.
- تنمية المهارات الحركية الدقيقة: يساعد الرسم والتلوين على تحسين التنسيق بين العين واليد والمهارات الحركية الدقيقة لدى الأطفال.
دور المتحف الثقافي والمجتمعي
يُعد متحف شرم الشيخ، الذي افتتح أبوابه عام 2020، من أبرز المعالم الثقافية في المنطقة، ويقدم تجربة فريدة تجمع بين عرض الآثار المصرية القديمة وفنون الحضارات المتنوعة. لكن دوره لا يقتصر على الحفاظ على التراث وعرضه، بل يمتد ليشمل تقديم برامج تعليمية وتوعوية تخدم المجتمع المحلي.
تأتي ورشة المندالا في إطار استراتيجية المتحف الرامية إلى أن يكون مركزاً ثقافياً حيوياً يشارك بفاعلية في قضايا المجتمع المعاصرة. من خلال تنظيم فعاليات تجمع بين الفن والعلم والصحة، يرسخ المتحف مكانته كمنصة للتوعية والتنمية الشاملة، مؤكداً على أن الفن والثقافة يمكن أن يكونا أدوات قوية لدعم الرفاهية النفسية والاجتماعية.
التأثير على الوعي المجتمعي
تعكس هذه المبادرة التزام المؤسسات الثقافية في مصر بالنهوض بالوعي الصحي والنفسي. فمن خلال استهداف الأطفال، يساهم المتحف في غرس بذور الوعي بالصحة النفسية منذ سن مبكرة، مما قد يساعد في بناء جيل أكثر تفهماً وتقبلاً لهذه القضايا في المستقبل. كما أنها تبعث برسالة واضحة بأن الفن ليس مجرد ترفيه، بل هو أداة قوية للشفاء والتعبير والتواصل.
هذه الفعاليات تفتح آفاقاً جديدة للتفكير في كيفية دمج مفاهيم الصحة النفسية في المناهج التعليمية والأنشطة اللامنهجية، وكيف يمكن للمتاحف والمؤسسات الثقافية أن تلعب دوراً محورياً في دعم الصحة العامة والرفاهية ضمن المجتمعات التي تخدمها. يمثل هذا التوجه خطوة إيجابية نحو مجتمع أكثر دعماً وتفهماً لقضايا الصحة النفسية.





