إدارة الطيران الفيدرالية تخفض الرحلات الجوية في مطارات رئيسية لمواجهة نقص المراقبين
أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) عن إجراءات استباقية لتقليص جداول الرحلات الجوية في عدد من أكثر المطارات ازدحامًا في البلاد، وذلك استعدادًا لموسم السفر الصيفي المزدحم. تأتي هذه الخطوة كحل مؤقت لمواجهة تحدٍ كبير ومستمر يتمثل في النقص الحاد في أعداد المراقبين الجويين المؤهلين، بهدف الحد من الاضطرابات واسعة النطاق مثل التأخيرات والإلغاءات التي شهدها المسافرون في أوقات سابقة.

الأسباب الرئيسية وراء القرار
يكمن السبب الجوهري وراء هذا التخفيض في النقص المزمن في عدد المراقبين الجويين، خاصة في المنشآت الحيوية التي تخدم مناطق مكتظة. وتُعد منشأة التحكم في الرادار الطرفي بنيويورك (N90)، التي تدير المجال الجوي لثلاثة مطارات كبرى هي جون إف كينيدي (JFK)، ولاغوارديا (LGA)، ونيوارك ليبرتي (EWR)، المثال الأبرز على هذه الأزمة. حيث تعمل هذه المنشأة بنسبة 54% فقط من المستويات المستهدفة للموظفين، مما يقلل بشكل كبير من قدرتها على التعامل مع الحجم المعتاد من الحركة الجوية بأمان وكفاءة، خاصة خلال فترات الذروة أو في ظل ظروف جوية سيئة.
هذا النقص يجبر الإدارة على فرض قيود على عدد عمليات الإقلاع والهبوط في الساعة الواحدة للحفاظ على معايير السلامة، مما يؤدي إلى تراكم التأخيرات التي يمكن أن تنتشر آثارها سريعًا عبر الشبكة الجوية الوطنية بأكملها.
تفاصيل الإجراءات المتخذة
لمعالجة هذه المشكلة بشكل مباشر خلال فصل الصيف الماضي، منحت إدارة الطيران الفيدرالية إعفاءات مؤقتة لشركات الطيران من قاعدة "استخدمها أو افقدها" المتعلقة بخانات الإقلاع والهبوط (slots) في المطارات المزدحمة. سمحت هذه الإعفاءات لشركات الطيران بتسليم ما يصل إلى 10% من خاناتها المخصصة في مطارات نيويورك الثلاثة، بالإضافة إلى مطار رونالد ريغان واشنطن الوطني (DCA)، دون الخوف من فقدان حقوقها في هذه الخانات بشكل دائم.
كان الهدف من هذه السياسة هو تشجيع شركات الطيران على تقليص جداولها بشكل طوعي لتتناسب مع القدرة التشغيلية الفعلية لنظام المراقبة الجوية. ومن خلال القيام بذلك، سعت الإدارة إلى مواءمة العرض (عدد الرحلات المجدولة) مع الطلب (قدرة النظام على إدارتها)، مما ينتج عنه نظام طيران أكثر استقرارًا وموثوقية للمسافرين.
التأثير على المسافرين والقطاع
استجابت شركات الطيران الكبرى، مثل "يونايتد إيرلاينز" و"دلتا إيرلاينز" و"جيت بلو"، لهذه المبادرة عبر تخفيض عدد رحلاتها، خاصة تلك التي تمر عبر منطقة نيويورك. وعلى الرغم من أن هذا قد يعني خيارات أقل للمسافرين على بعض المسارات، إلا أن الهدف الأسمى كان تحسين تجربة السفر الإجمالية. فبدلاً من مواجهة حالة من عدم اليقين مع إلغاءات في اللحظات الأخيرة وتأخيرات طويلة، تم تزويد الركاب بجدول زمني أكثر واقعية وموثوقية.
يمثل هذا الإجراء حلاً قصير الأجل لمشكلة طويلة الأمد. وتعمل إدارة الطيران الفيدرالية على تكثيف جهود التوظيف والتدريب لزيادة أعداد المراقبين الجويين، لكن هذه العملية تستغرق سنوات حتى تؤتي ثمارها. ويأتي هذا التحدي في وقت يشهد فيه قطاع الطيران انتعاشًا قويًا في الطلب على السفر بعد جائحة كوفيد-19، مما يضع ضغطًا إضافيًا على البنية التحتية للطيران التي لا تزال تتعافى.





