مكافآت وتهديدات بالفصل: كيف تعامل ترامب مع أزمة المراقبين الجويين خلال الإغلاق الحكومي
في أواخر يناير 2019، وفي خضم أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، تكشفت أزمة حادة في قطاع الطيران دفعت الرئيس آنذاك دونالد ترامب إلى اتخاذ موقف لافت. مع تزايد أعداد المراقبين الجويين الذين أبلغوا عن تغيبهم بسبب المرض، مما أدى إلى تأخير كبير في الرحلات الجوية، ظهرت تقارير عن خطة للبيت الأبيض لتقديم حوافز مالية لأولئك الذين واصلوا عملهم، مع التهديد بفصل المتغيبين.

خلفية الأزمة: إغلاق حكومي غير مسبوق
كانت جذور الأزمة تمتد إلى الإغلاق الحكومي الفيدرالي الذي بدأ في ديسمبر 2018 واستمر لمدة 35 يومًا. نجم الإغلاق عن طريق مسدود سياسي بين الرئيس ترامب والديمقراطيين في الكونغرس بشأن طلبه تمويلًا لبناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. خلال هذه الفترة، أُجبر مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين، بمن فيهم ما يقرب من 10,000 مراقب جوي، على العمل دون أجر، مما خلق ضغوطًا مالية وشخصية هائلة عليهم.
تصاعد الضغوط في قطاع الطيران
على الرغم من أن القانون يمنع المراقبين الجويين من الإضراب، إلا أن الإغلاق المطول أدى إلى ارتفاع ملحوظ في حالات التغيب، حيث أبلغ العديد من المراقبين عن مرضهم فيما اعتبره الكثيرون إضرابًا مرضيًا منسقًا. كان لهذا النقص في الموظفين تأثير فوري وشديد على نظام الطيران الوطني. في 25 يناير 2019، اضطرت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) إلى وقف الرحلات الجوية في مطار لاغوارديا بنيويورك والإبلاغ عن تأخيرات كبيرة في محاور رئيسية أخرى مثل نيوارك وفيلادلفيا، مشيرة إلى نقص الموظفين كسبب رئيسي.
وكان قادة النقابات الممثلة للمراقبين قد حذروا لأسابيع من أن الإغلاق يدفع أعضاءهم إلى حافة الانهيار، مما يثير مخاوف جدية بشأن السلامة والقدرة التشغيلية. وأكدوا أن المراقبين كانوا يعملون تحت ضغط شديد دون تلقي رواتبهم، وهو وضع لا يمكن أن يستمر.
رد فعل الإدارة الأمريكية
في مواجهة وضع متدهور بسرعة يهدد بشل حركة السفر الجوي في جميع أنحاء البلاد، تعرضت إدارة ترامب لضغوط من أجل التحرك. في هذا السياق، تناول الرئيس ترامب الموقف، وطرح مقترحًا يهدف إلى الحفاظ على مستويات التوظيف. أفادت التقارير أن الخطة تضمنت عرض مكافآت كبيرة، ذكرت بعض المصادر أنها تصل إلى 10,000 دولار، للمراقبين الذين استمروا في أداء واجباتهم. أما الجانب الآخر من هذا الاقتراح فكان إجراءً عقابيًا، وهو التهديد بإنهاء خدمة الموظفين المتغيبين، واصفًا غيابهم بأنه إضراب غير قانوني.
كان هذا النهج المزدوج القائم على المكافأة والعقاب سمة مميزة لأسلوب الإدارة في التعامل مع الضغوط العمالية. ومع ذلك، لم يتم المضي قدمًا في الاقتراح كسياسة رسمية، حيث إن الفوضى المتصاعدة في الأجواء خلقت ضغطًا سياسيًا هائلاً طغى على مثل هذه الإجراءات.
نهاية الإغلاق وأهمية الحدث
أثبت التعطيل الواسع النطاق للسفر الجوي أنه نقطة تحول حاسمة. في نفس اليوم الذي حدثت فيه التأخيرات الكبرى، أعلن الرئيس ترامب عن اتفاق مع قادة الكونغرس لإعادة فتح الحكومة مؤقتًا لمدة ثلاثة أسابيع، مما يتيح وقتًا لإجراء مزيد من المفاوضات حول أمن الحدود. لم يتضمن هذا الاتفاق التمويل الذي طلبه ترامب للجدار. وبعد ذلك، تلقى المراقبون الجويون، إلى جانب الموظفين الفيدراليين الآخرين، رواتبهم المتأخرة.
سلطت هذه الحادثة الضوء على النفوذ الهائل الذي يتمتع به الموظفون الفيدراليون الأساسيون، وأظهرت كيف يمكن للنزاعات السياسية في واشنطن أن تكون لها عواقب ملموسة ومعطلة على الأمة بأكملها. لقد كانت بمثابة تذكير صارخ بالدور الحاسم الذي يلعبه المراقبون الجويون في الحفاظ على سلامة وكفاءة نظام الطيران في الولايات المتحدة.





