بعد وصفه بايدن بـ«جو النائم»، ترامب يقع في فخ النعاس.. 4 رؤساء أمريكيين يغفون أمام الكاميرات
عادت الساحة السياسية لتوجه اهتمامها إلى القدرة البدنية لقادتها، بعد تقارير وصور حديثة أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نفسه قد شوهد وهو يغفو خلال مشاركة عامة. تكتسب هذه الحادثة أهمية خاصة بالنظر إلى وصف ترامب المتكرر لخليفته، جو بايدن، بـ«جو النائم» طوال فترة تنافسهما السياسي. لقد أثار هذا المظهر العلني للتعب من قبل شخصية سياسية رفيعة المستوى نقاشات حول متطلبات الرئاسة والتدقيق المستمر الذي يواجهه القادة. غير أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الإدارات الحديثة؛ فالسجلات التاريخية والمحفوظات الإعلامية تكشف أن أربعة رؤساء أمريكيين على الأقل قد أظهروا علناً لحظات من النعاس أمام الكاميرات، مما أثار جدلاً حول مدى لياقتهم للمنصب والضوء الإعلامي المسلط عليهم باستمرار.

خلفية الجدل حول «الرؤساء النائمين»
يُعد موضوع إرهاق الرؤساء متكرراً في السياسة الأمريكية، وغالباً ما يستغله المعارضون للتشكيك في حيوية القائد وعمره وقدراته الذهنية. في عصر التغطية الإعلامية المكثفة والانتشار الفوري للمعلومات، يمكن حتى للحظات العابرة من عدم الانتباه أو النعاس الظاهر أن تتحول إلى محتوى فيروسي، مما يشكل الرأي العام. إن الجدول الزمني الصارم لرئيس الولايات المتحدة، والذي يتضمن السفر المستمر، والاجتماعات الليلية المتأخرة، والظهور العام، واتخاذ القرارات عالية المخاطر، يؤدي بطبيعة الحال إلى الإرهاق الجسدي. ومع ذلك، فإن التوقع من الرئيس هو أن يبدو دائماً في حالة يقظة وتحكم، مما يجعل أي مظهر علني للتعب نقطة ضعف سياسية محتملة. لقد دفع عمر المرشحين، خاصة في الدورات الانتخابية الأخيرة، هذه القضية إلى الواجهة، حيث استخدم الطرفان علامات الشيخوخة المتصورة كسلاح ضد منافسيهم.
ترامب وبايدن: تبادل الاتهامات والسقوط في الفخ
لقد اتسم التنافس بين دونالد ترامب وجو بايدن، لا سيما خلال الحملة الرئاسية لعام 2020، بتبادل حاد للاتهامات حول اللياقة البدنية والعقلية. اشتهر ترامب بتسمية بايدن بلقب «جو النائم»، مستخدماً إياه مراراً في تجمعاته وعلى وسائل التواصل الاجتماعي لتصوير خصمه على أنه يفتقر إلى الطاقة والحدة الذهنية. هدفت هذه التكتيكات إلى تقويض صورة بايدن كقائد قوي قادر على التعامل مع ضغوط المكتب البيضاوي.
ومن المفارقات أن ترامب نفسه واجه تدقيقاً مشابهاً. فقد أشارت تقارير حديثة، تعود إلى وقت قريب، إلى أن حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، من بين آخرين، قد أشار إلى حالات بدا فيها ترامب وكأنه يغفو. إحدى المناسبات البارزة، التي أشير إليها بشكل خاص، تضمنت ظهور ترامب وكأنه يومئ برأسه خلال حدث عام مهم. وبينما يمكن أن يختلف التاريخ والسياق الدقيقان في التقارير الإعلامية، فإن مثل هذه الحوادث قد قدمت ذخيرة لنقاد ترامب، مسلطة الضوء على نفاق متصور نظراً لهجماته المستمرة على بايدن. هذا الحدث بالذات، حيث شوهد ترامب وهو يبدو نعساناً، عكس الانتقاد الذي وجهه لخصمه السياسي، مما أوجد دورة من تبادل الاتهامات السياسية التي تركز على القدرة على التحمل.
من جانبه، لوحظ الرئيس جو بايدن أيضاً في لحظات من النعاس الظاهر خلال ارتباطاته العامة. وقعت إحدى الحوادث التي تم تداولها على نطاق واسع في نوفمبر 2021 خلال قمة المناخ COP26 في غلاسكو، حيث أغمض بايدن عينيه لفترة وجيزة مطولة أثناء الاستماع إلى الخطابات. كما أن حوادث أخرى، بما في ذلك خلال اجتماعات أو مؤتمرات صحفية، جذبت اهتمام وسائل الإعلام وأثارت نقاشات حول عمره (الذي يبلغ حالياً 81 عاماً) وقدرته على الرئاسة. وقد تم استغلال هذه اللحظات باستمرار من قبل الخصوم الجمهوريين، بمن فيهم ترامب، كدليل على عدم صلاحية بايدن للمنصب، مما يعكس الاستراتيجية التي اتبعها ترامب خلال منافستهما الأولية.
رؤساء آخرون في مواجهة النعاس
تكشف سجلات التاريخ السياسي الأمريكي أن لحظات التعب العلنية ليست ظاهرة حديثة. فقد تم التقاط صور ومقاطع فيديو لعدة رؤساء سابقين، واجهوا جداول مكثفة ونظرة وسائل الإعلام التي لا ترحم، وهم في حالات نعاس ظاهرة. هذه الحوادث، وإن لم تكن فيروسية عالمياً مثل اليوم، إلا أنها أثارت نقاشاً وتدقيقاً في عصورها.
- الرئيس جورج بوش الأب: خلال فترة رئاسته (1989-1993) وخاصة في سنواته الأخيرة في الحياة العامة، التُقطت لبوش الأب أحياناً صور أو مقاطع فيديو وهو يبدو ناعساً خلال الأحداث أو الاحتفالات الطويلة. وعادة ما تُعزى هذه الحالات إلى تقدمه في العمر والطبيعة المتطلبة لجدول أعماله بعد الرئاسة، على الرغم من أن بعضها حدث خلال فترة ولايته الفعلية، مما أثار تكهنات هادئة حول مستويات طاقته.
- الرئيس رونالد ريغان: باعتباره أقدم رئيس يُنتخب في ذلك الوقت (تولى منصبه وهو في 69 عاماً، وخدم حتى 77 عاماً)، كان عمر ريغان نقطة نقاش مستمرة. وبينما كان معروفاً بشخصيته العامة المفعمة بالحيوية، كانت هناك تقارير وصور معزولة، لا سيما خلال فترة ولايته الثانية (1985-1989)، تظهره وهو يبدو ناعساً خلال اجتماعات أو خطابات طويلة. ساهمت هذه اللحظات في نقاشات أوسع حول الأعباء الجسدية والعقلية للرئاسة على زعيم مسن، خاصة في سياق التكهنات المتزايدة حول صحته التي ارتبطت لاحقاً بتشخيصه بمرض الزهايمر بعد سنوات من مغادرته للمنصب.
تُظهر هذه السوابق التاريخية أن المظاهر العامة للتعب، سواء كانت حقيقية أو أُسيء تفسيرها، كانت دائماً موضوع اهتمام عام وتعليق سياسي، وإن كانت بدرجات متفاوتة من الشدة اعتماداً على المشهد الإعلامي في ذلك الوقت.
دلالات الأمر وتأثيره على المشهد السياسي
إن تكرار ظهور الرؤساء وهم يغفون، من رونالد ريغان إلى جو بايدن، يحمل دلالات كبيرة على السياسة الأمريكية والرأي العام.
- تصور القيادة: يُنظر إلى الرؤساء على أنهم رموز للقوة والحيوية الوطنية. وأي إشارة متصورة للضعف، بما في ذلك التعب الشديد، يمكن أن تقوض ثقة الجمهور في قدرتهم على القيادة بفعالية، خاصة خلال الأزمات.
- العمر واللياقة للمنصب: مع تزايد عدد المرشحين الأكبر سناً الذين يسعون إلى أعلى منصب، تضخم هذه الحوادث الجدل حول حدود العمر أو التقييمات المعرفية الإلزامية للمرشحين الرئاسيين. تتطلب المتطلبات الجسدية والعقلية الشديدة للرئاسة يقظة وقدرة على التحمل مستمرين، والتعب الظاهر يثير حتماً تساؤلات حول قدرة المرشح أو الرئيس الحالي.
- التدقيق الإعلامي والتسليح السياسي: في دورة الأخبار الحديثة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ومشهد وسائل التواصل الاجتماعي، يتم تضخيم اللحظات المعزولة وإعادة تشغيلها بلا نهاية. وينتهز الخصوم السياسيون هذه اللقطات بسهولة لإنشاء روايات عن الضعف أو عدم الكفاءة أو عدم الأهلية، بغض النظر غالباً عن السياق الفعلي أو خطورة الحادث. وهذا يحول ما قد يكون رد فعل بشرياً طبيعياً للإرهاق إلى سلاح سياسي قوي.
- إضفاء الطابع الإنساني على القادة مقابل المطالبة بالكمال: بينما يجادل البعض بأن هذه اللحظات تضفي طابعاً إنسانياً على القادة، وتظهر أنهم هم أيضاً عرضة للتعب، فإن التوقع العام من الرئيس غالباً ما يميل نحو صورة التفاني الذي لا يكل. وغالباً ما تتجاوز التكلفة السياسية للظهور بمظهر متعب أي فائدة محتملة للارتباط الإنساني.
في الختام، يظل مشهد نوم الرئيس، سواء كان دونالد ترامب، أو جو بايدن، أو أسلافهم، رمزاً قوياً في السياسة الأمريكية. إنه بمثابة نقطة اشتعال للنقاشات حول القيادة، والعمر، وأخلاقيات الإعلام، والطبيعة القاسية للحياة العامة، خاصة عندما تتفاقم بسبب مفارقة قيام زعيم بانتقاد آخر لنفس الفشل المتصور. وتؤكد أحدث حادثة تتعلق بترامب، لا سيما بعد سخريته بـ«جو النائم»، الطبيعة الدورية للخطاب السياسي والتدقيق المكثف الذي يميز الرئاسة الأمريكية.





