قيادي جمهوري: إدارة ترامب تواجه أزمة سياسية حادة والانقسام الوطني يتعمق
عكست تصريحات منسوبة لأعضاء في الحزب الجمهوري خلال فترة الإغلاق الحكومي في أواخر عام 2018 وأوائل 2019 قلقاً متزايداً من أزمة سياسية عميقة واجهتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد سلطت تلك الأزمة، التي تمحورت حول تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، الضوء على حجم الانقسام الحزبي في الولايات المتحدة وأدت إلى أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد، مما كشف عن تصدعات حتى داخل صفوف الحزب الجمهوري الحاكم آنذاك.

خلفية الأزمة: نزاع على تمويل الجدار
بدأت الأزمة بشكل رسمي في 22 ديسمبر 2018، عندما دخل جزء من الحكومة الفيدرالية الأمريكية في حالة إغلاق بعد فشل الكونغرس والبيت الأبيض في التوصل إلى اتفاق حول الميزانية. كان جوهر الخلاف هو إصرار الرئيس ترامب على تضمين مبلغ يتجاوز 5 مليارات دولار لتمويل بناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهو أحد أبرز وعوده الانتخابية. وفي المقابل، رفض الديمقراطيون، الذين كانوا قد سيطروا على مجلس النواب، الموافقة على هذا التمويل، معتبرين الجدار حلاً غير فعال ومكلفاً.
تطورات الإغلاق وتداعياته الواسعة
استمر الإغلاق الحكومي لمدة 35 يوماً، ليصبح الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، وتجاوز الرقم القياسي السابق المسجل في عهد الرئيس بيل كلينتون. خلال هذه الفترة، ظهرت تداعيات الأزمة بوضوح على مختلف الأصعدة:
- الموظفون الفيدراليون: تأثر ما يقرب من 800 ألف موظف فيدرالي، حيث تم إرسال المئات منهم في إجازة غير مدفوعة الأجر، بينما اضطر آخرون، ممن تعتبر وظائفهم حيوية، إلى العمل دون الحصول على رواتبهم.
- الأثر الاقتصادي: قدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن الإغلاق كلف الاقتصاد الأمريكي ما لا يقل عن 11 مليار دولار، جزء كبير منها لن يتم استرداده.
- الخدمات العامة: تعطلت العديد من الخدمات الحكومية، بما في ذلك إغلاق المتنزهات الوطنية والمتاحف، وتأخير في عمليات التفتيش الغذائي، وتباطؤ في عمل المطارات بسبب تغيب موظفي أمن النقل.
الانقسام السياسي ومواقف الجمهوريين
كانت الأزمة بمثابة اختبار صعب لإدارة ترامب، حيث واجهت معارضة شرسة من الديمقراطيين بقيادة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي. ومع مرور الأسابيع، بدأت الضغوط تتزايد ليس فقط من المعارضة، بل من داخل الحزب الجمهوري نفسه. عبّر عدد من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الجمهوريين المعتدلين عن قلقهم البالغ من تأثير الإغلاق على المواطنين والاقتصاد، ودعوا علناً إلى ضرورة فصل قضية تمويل الجدار عن الميزانية العامة وإعادة فتح الحكومة. هذه المواقف كشفت عن وجود انقسام في الرؤى داخل الحزب حول استراتيجية الرئيس التفاوضية ومدى استعداد الحزب لتحمل التبعات السياسية للأزمة.
نهاية الأزمة وتأثيرها المستمر
في 25 يناير 2019، أعلن الرئيس ترامب عن توصله إلى اتفاق مؤقت لإنهاء الإغلاق وإعادة فتح الحكومة لمدة ثلاثة أسابيع، دون أن يتضمن الاتفاق التمويل الذي طلبه للجدار الحدودي. اعتبر هذا التطور تراجعاً سياسياً للرئيس وانتصاراً للديمقراطيين. ورغم أن الإغلاق انتهى، إلا أن الأزمة تركت أثراً عميقاً، حيث أظهرت مدى استعداد الأطراف السياسية للوصول إلى حافة الهاوية لفرض أجنداتها، وعمّقت الشعور بالانقسام والاستقطاب في المشهد السياسي الأمريكي، وهي قضية استمرت في التأثير على السياسة الأمريكية لسنوات تالية.





