ترامب وفانس يجددان الضغط لإلغاء «التعطيل التشريعي» في مجلس الشيوخ الأمريكي
جدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والسيناتور عن ولاية أوهايو جيه دي فانس، الذي يُطرح اسمه كمرشح محتمل لمنصب نائب الرئيس، دعواتهما لإلغاء قاعدة «الفيليباستر» أو ما يعرف بـ«التعطيل التشريعي» في مجلس الشيوخ. وتأتي هذه التصريحات في سياق الحملة الانتخابية الرئاسية، حيث يرى ترامب وفانس أن هذه القاعدة الإجرائية تعرقل الأجندة التشريعية للحزب الجمهوري، وتمنعهم من تنفيذ سياساتهم المقترحة بسرعة حال فوزهم في الانتخابات المقبلة.

خلفية عن قاعدة «الفيليباستر»
قاعدة «الفيليباستر» هي أداة إجرائية فريدة من نوعها في مجلس الشيوخ الأمريكي تسمح للأقلية بعرقلة التصويت على مشاريع القوانين. وبموجب القواعد الحالية، يتطلب الأمر أغلبية عظمى من 60 صوتاً من أصل 100 لإنهاء النقاش حول معظم التشريعات والانتقال إلى التصويت النهائي، وهو إجراء يُعرف باسم «كلوتشر». وفي ظل الانقسام الحزبي الشديد الذي يشهده المجلس، أصبح الحصول على 60 صوتاً أمراً شبه مستحيل لمعظم القضايا الخلافية، مما يمنح الأقلية الحزبية نفوذاً كبيراً لتعطيل أجندة الأغلبية.
هذه القاعدة ليست جزءاً من الدستور الأمريكي، بل تطورت عبر تاريخ مجلس الشيوخ. وقد استخدمها كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، عندما كانا في الأقلية لمنع تمرير قوانين لا يوافقان عليها. وقد شهدت القاعدة تعديلات على مر السنين، أبرزها استثناء الترشيحات للمناصب الفيدرالية والقضائية، بما في ذلك قضاة المحكمة العليا، من شرط الستين صوتاً.
التصريحات الأخيرة والسياق السياسي
في تصريحات صدرت خلال الأيام القليلة الماضية، انتقد ترامب القاعدة بشدة، واصفاً إياها بأنها أداة يستخدمها الديمقراطيون لـ«تدمير الاقتصاد» وعرقلة التقدم. ويجادل هو وحلفاؤه بأن الفوز بالرئاسة والسيطرة على الكونغرس لن يكون كافياً إذا ظلت الأقلية في مجلس الشيوخ قادرة على استخدام «الفيليباستر» لتعطيل التشريعات الرئيسية المتعلقة بالضرائب، والهجرة، والطاقة، وغيرها من أولويات الحزب الجمهوري.
تُظهر هذه الدعوات تحولاً ملحوظاً في موقف بعض الجمهوريين، الذين دافعوا في السابق عن القاعدة باعتبارها ضمانة للاستقرار وحماية لحقوق الأقلية. إلا أن الجناح الأكثر قرباً من ترامب يرى الآن أن الإجراءات التقليدية يجب أن تتنحى جانباً لتسهيل تنفيذ أجندة سياسية حاسمة. ويعتقدون أن بقاء القاعدة سيؤدي إلى شلل تشريعي حتى لو حققوا انتصاراً انتخابياً كبيراً.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكتسب هذه القضية أهمية بالغة لأن إلغاء «الفيليباستر» سيغير بشكل جذري طبيعة عمل مجلس الشيوخ والحياة السياسية في الولايات المتحدة. فمن شأن هذه الخطوة أن تسمح للحزب الحاكم بتمرير تشريعات كبرى بأغلبية بسيطة (51 صوتاً)، مما قد يؤدي إلى تحولات سياسية سريعة وحادة كلما تغيرت السيطرة على المجلس.
وتشمل التداعيات المحتملة لإلغاء القاعدة ما يلي:
- زيادة الاستقطاب: قد يقلل الإلغاء من الحافز لدى الحزبين للبحث عن حلول وسط أو تشريعات تحظى بدعم من الحزبين.
- تقلبات سياسية حادة: يمكن أن يقوم كل حزب بإلغاء سياسات الحزب الآخر وتمرير سياساته الخاصة بسرعة عند وصوله إلى السلطة، مما يخلق حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
- تسهيل الأجندات الحزبية: سيتمكن الحزب المسيطر من تمرير قوانين كبرى في مجالات مثل الرعاية الصحية، والضرائب، وقوانين المناخ بأغلبية ضئيلة.
يبقى الموقف من القاعدة محل انقسام حتى داخل الحزب الجمهوري، حيث لا يزال بعض الأعضاء التقليديين، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، يعارضون إلغاءها بشكل كامل، محذرين من أنها ستحرم حزبهم من أي نفوذ عندما يعودون إلى صفوف الأقلية في المستقبل.





