فوز زهران ممداني: كيف أصبح الناقد لسياسات مودي وترامب صوتاً تقدمياً في نيويورك
في تطور سياسي لافت عكس التحولات الديموغرافية والأيديولوجية في الولايات المتحدة، حقق زهران "كازي" ممداني، وهو اشتراكي ديمقراطي أمريكي من أصل هندي-أوغندي، فوزاً مهماً في انتخابات الجمعية التشريعية لولاية نيويورك خلال دورة عام 2020. لم يكن هذا الفوز مجرد انتصار انتخابي محلي في دائرته التي تشمل أجزاء من حي أستوريا في كوينز، بل كان بمثابة رسالة سياسية قوية ضد سياسات الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، وتأكيداً على صعود جيل جديد من القادة التقدميين الذين لا يترددون في التعبير عن مواقفهم من قضايا السياسة الخارجية، بما في ذلك انتقادهم الحاد لحكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

خلفية عن زهران ممداني ومسيرته
ينحدر زهران ممداني من عائلة ذات خلفية فكرية وثقافية بارزة؛ فوالده هو الأكاديمي والناقد السياسي المعروف محمود ممداني، ووالدته هي المخرجة السينمائية الشهيرة ميرا ناير. قبل دخوله المعترك السياسي، عمل ممداني كمستشار في مجال الإسكان، حيث ساعد العائلات المهددة بالإخلاء على البقاء في منازلها. وقد شكلت هذه التجربة رؤيته السياسية، ودفعت به إلى تبني برنامج انتخابي يركز على العدالة الاجتماعية وحقوق المستأجرين.
كمنظم مجتمعي وعضو في منظمة "الاشتراكيون الديمقراطيون في أمريكا" (DSA)، بنى ممداني حملته على أساس شعبي، معتمداً على المتطوعين والتبرعات الصغيرة، ورافضاً تمويل الشركات الكبرى. وقد نجح في حشد قاعدة متنوعة من الناخبين في واحدة من أكثر المناطق تنوعاً عرقياً في العالم.
تفاصيل الفوز الانتخابي وأجندته السياسية
كانت اللحظة الحاسمة في مسيرة ممداني السياسية هي فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في يونيو 2020، حيث أطاح بالنائبة التي شغلت المقعد لفترة طويلة، أرافيلا سيموتاس. اعتبر هذا الفوز انقلاباً سياسياً يعكس رغبة الناخبين في التغيير وتبني سياسات أكثر تقدمية. وقد تركزت أجندته على عدة محاور رئيسية:
- الإسكان للجميع: دعا إلى إلغاء زيادات الإيجار وتوفير حماية أوسع للمستأجرين.
- الصفقة الخضراء الجديدة: طالب بتحول جذري نحو الطاقة المتجددة ومكافحة التغير المناخي.
- الرعاية الصحية الشاملة: دعم نظام الرعاية الصحية أحادي الدافع في ولاية نيويورك.
- العدالة الضريبية: نادى بزيادة الضرائب على الأثرياء لتمويل الخدمات العامة الأساسية كالتعليم والمواصلات.
مواقف سياسية جريئة: نقد لترامب ومودي
لم تقتصر حملة ممداني على القضايا المحلية، بل امتدت لتشمل مواقفه الواضحة من السياسات الوطنية والدولية. كان فوزه يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه رفض للخطاب الشعبوي اليميني الذي مثله دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة وحقوق الأقليات والعدالة العرقية. لقد وضع نفسه كصوت مناهض لسياسات ترامب، مما أكسبه دعماً كبيراً من المجتمعات المهاجرة والناخبين الشباب.
بالإضافة إلى ذلك، برز ممداني كواحد من أبرز الأصوات الأمريكية من أصل جنوب آسيوي المنتقدة لسياسات حكومة ناريندرا مودي في الهند. وقد عبر علناً عن معارضته الشديدة لقانون تعديل المواطنة (CAA)، الذي يراه تمييزياً ضد المسلمين، كما انتقد الإجراءات الحكومية في كشمير وصعود القومية الهندوسية. وبهذا، أصبح ممداني يمثل صوتاً للجالية التقدمية في الشتات، التي تربط بين نضالات العدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة والقضايا السياسية في بلدانها الأصلية.
الأهمية والتأثير
يمثل فوز زهران ممداني أكثر من مجرد تغيير في مقعد تشريعي؛ إنه يرمز إلى قوة الحركة التقدمية المتنامية داخل الحزب الديمقراطي، وقدرتها على تحقيق انتصارات في مواجهة المؤسسة السياسية التقليدية. كما يسلط الضوء على الدور المتزايد للأمريكيين من الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين في تشكيل المشهد السياسي الأمريكي، حيث يحملون معهم وجهات نظر عالمية ورغبة في معالجة الظلم على المستويين المحلي والدولي. ويشير نجاحه إلى أن الناخبين أصبحوا أكثر استعداداً لدعم المرشحين الذين يتبنون مواقف سياسية جريئة وغير اعتذارية.




