في خطوة مفاجئة.. عمدة نيويورك الجديد يعرض الحوار على ترامب لحل أزمة غلاء المعيشة
في إعلان سياسي غير متوقع صدر يوم الأربعاء، كشف عمدة نيويورك المنتخب حديثاً، زهران ممداني، عن استعداده لفتح قنوات حوار مباشر مع الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يُعتبر نقيضه الأيديولوجي. وأوضح ممداني أن الهدف الرئيسي من هذه المبادرة هو مناقشة أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة التي تؤثر على ملايين السكان، واصفاً إياها بأنها "الملف الأهم" الذي تواجهه المدينة. تأتي هذه الدعوة بعد فترة وجيزة من فوز ممداني التاريخي في الانتخابات البلدية، والذي استند إلى برنامج انتخابي تقدمي يركز على العدالة الاقتصادية والرعاية الاجتماعية.

خلفية وسياق الحدث
يمثل وصول زهران ممداني، الذي يتبنى الفكر الاشتراكي، إلى منصب عمدة نيويورك نقطة تحول في المشهد السياسي للمدينة. فقد بنى حملته الانتخابية على وعود بمكافحة التفاوت في الثروة، وتوسيع برامج الإسكان الميسور التكلفة، وتعزيز الخدمات العامة. وخلال حملته، انتقد ممداني مراراً سياسات وخطابات شخصيات مثل دونالد ترامب، معتبراً إياها ضارة بمصالح الطبقة العاملة. وبسبب الهوة السياسية الواسعة بين الرجلين، فإن عرض الحوار هذا يكتسب أهمية خاصة. وتأتي هذه الخطوة في ظل أزمة اقتصادية حادة تعاني منها نيويورك، حيث يؤدي ارتفاع الإيجارات والتضخم وركود الأجور إلى ضغوط مالية شديدة على الأسر في جميع أنحاء المدينة.
تفاصيل المبادرة المقترحة
خلال مؤتمر صحفي عُقد في مقر بلدية نيويورك، قدم ممداني تفاصيل إضافية حول مقترحه. وأكد أن قضية غلاء المعيشة ليست قضية حزبية، بل هي تحدٍ جوهري يتطلب حلولاً غير تقليدية وتعاوناً واسع النطاق. وأشار إلى أنه على الرغم من الخلافات العميقة مع الرئيس السابق في معظم الملفات السياسية، فإن نفوذ ترامب، خاصة في دوائر الأعمال والعقارات، قد يكون ورقة رابحة لمعالجة الأزمة. واقترح ممداني عقد اجتماع مغلق لمناقشة استراتيجيات عملية، مثل إطلاق شراكات محتملة بين القطاعين العام والخاص، واستكشاف سبل للاستفادة من الموارد الفيدرالية لتخفيف العبء الاقتصادي عن سكان نيويورك. وشدد على أن هذه الدعوة لا تمثل تأييداً لسياسات ترامب، بل هي محاولة واقعية لإيجاد حلول أينما كانت.
الدوافع والتداعيات المحتملة
ينظر المحللون السياسيون إلى مبادرة ممداني من زوايا متعددة، حيث تحمل في طياتها دوافع ومخاطر كبيرة:
- البراغماتية والواقعية: يرى البعض أن الخطوة تعكس إدراكاً واقعياً بأن حل المشاكل الاقتصادية المعقدة في نيويورك قد يتطلب تجاوز التحالفات الأيديولوجية التقليدية.
- المناورة السياسية: يعتبرها آخرون تكتيكاً سياسياً ذكياً يهدف إلى تقديم ممداني كقائد يسعى لحل المشكلات بعيداً عن الاستقطاب الحزبي، مما قد يوسع قاعدة شعبيته خارج دائرته التقدمية.
- المخاطر الكامنة: في المقابل، تنطوي المبادرة على مخاطر جسيمة، فقد تؤدي إلى تنفير قاعدته الانتخابية من اليساريين الذين يعتبرون أي تواصل مع ترامب خيانة لمبادئهم.
ردود الفعل الأولية
كانت ردود الفعل الأولية على المبادرة متباينة. فقد صرح متحدث باسم منظمة ترامب بأن الرئيس السابق "منفتح دائماً على أي نقاش يمكن أن يساعد الشعب الأمريكي، خاصة في مدينته"، لكنه لم يؤكد الموافقة على عقد الاجتماع. من جانبها، أبدت المنظمات التقدمية في نيويورك حذراً وتشكيكاً، حيث وصف بعض قادتها الخطوة بأنها "غير موفقة". على النقيض من ذلك، أشاد بعض الديمقراطيين المعتدلين وقادة مجتمع الأعمال بحذر باستعداد العمدة للتفكير خارج الصندوق، معتبرين ذلك دليلاً على النضج والتركيز على الحكم الرشيد.





