ترامب يعلن مقاطعة واشنطن لقمة العشرين بجنوب أفريقيا بسبب قضية المزارعين
أعلنت الإدارة الأميركية، في خطوة مفاجئة صدرت يوم الجمعة، أن الرئيس دونالد ترامب قرر عدم إرسال أي وفد رسمي لتمثيل الولايات المتحدة في قمة مجموعة العشرين المرتقبة في جنوب أفريقيا. وعزا البيت الأبيض هذا القرار إلى ما وصفه بـ"المعاملة غير العادلة للمزارعين البيض" وسياسات الإصلاح الزراعي التي تتبناها حكومة جنوب أفريقيا، مؤكداً أن واشنطن لن تشارك في القمة على أي مستوى.

خلفية القرار وتاريخ القضية
لم يأتِ هذا القرار من فراغ، بل هو تتويج لموقف تبناه الرئيس ترامب منذ فترة طويلة. في عام 2018، أثار ترامب جدلاً عالمياً عندما أعلن في تغريدة أنه طلب من وزير خارجيته آنذاك، مايك بومبيو، دراسة "مصادرة الأراضي والمزارع والقتل واسع النطاق للمزارعين" في جنوب أفريقيا. وقد استندت تصريحاته في ذلك الوقت إلى تقارير إعلامية محافظة في الولايات المتحدة ركزت على قضية الإصلاح الزراعي في جنوب أفريقيا، والتي تعد من أكثر القضايا حساسية وإثارة للانقسام في البلاد منذ نهاية نظام الفصل العنصري.
وتسعى حكومة جنوب أفريقيا من خلال خططها للإصلاح الزراعي إلى معالجة التفاوتات العميقة الموروثة من حقبة الفصل العنصري، حيث لا يزال معظم الأراضي الزراعية مملوكاً للأقلية البيضاء. وتتضمن النقاشات الدائرة إمكانية تعديل الدستور للسماح بمصادرة الأراضي دون تعويض، وهو ما يثير قلق بعض المستثمرين والمجتمعات المحلية، بينما يراه المؤيدون خطوة ضرورية لتحقيق العدالة الاقتصادية.
تفاصيل الإعلان الرسمي وردود الفعل
جاء الإعلان عبر بيان رسمي صدر عن البيت الأبيض، أكد أن "الولايات المتحدة لا يمكنها المشاركة بضمير مرتاح في قمة تستضيفها دولة تنتهج سياسات تمييزية وتهدد حقوق الملكية لمواطنيها". وأوضح البيان أن المقاطعة شاملة، ولن يحضر أي مسؤول أميركي، سواء من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو أي وكالة حكومية أخرى، فعاليات القمة. وقد كرر الرئيس ترامب هذا الموقف في تصريحات لاحقة، مشدداً على أن إدارته تدافع عن حقوق المزارعين في جميع أنحاء العالم.
على الصعيد الدولي، قوبل القرار بردود فعل متباينة. أصدرت حكومة جنوب أفريقيا بياناً أعربت فيه عن "خيبة أملها العميقة"، واصفة الموقف الأميركي بأنه "مبني على معلومات مضللة وتدخل غير مقبول في شؤونها الداخلية". وأكدت أنها ماضية في عملية الإصلاح الزراعي وفقاً لدستورها وقوانينها. أما الدول الأعضاء الأخرى في مجموعة العشرين، فقد أعرب بعض الحلفاء الأوروبيين عن قلقهم من تأثير غياب الولايات المتحدة على فعالية القمة، بينما التزمت دول أخرى الصمت، في انتظار تطور الموقف.
التداعيات المحتملة على العلاقات الدولية
يُنذر قرار المقاطعة بتوترات دبلوماسية كبيرة بين واشنطن وبريتوريا، وهما شريكان تجاريان مهمان. كما أنه يلقي بظلال من الشك على مستقبل قمة مجموعة العشرين نفسها، حيث إن غياب أكبر اقتصاد في العالم يضعف من قدرة المجموعة على اتخاذ قرارات مؤثرة بشأن القضايا الاقتصادية والسياسية العالمية الملحة.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تعكس بوضوح نهج "أميركا أولاً" الذي تتبناه إدارة ترامب في سياستها الخارجية، والذي يفضل الإجراءات الأحادية على المشاركة في الأطر متعددة الأطراف. ومن المتوقع أن تكون لهذه المقاطعة آثار أوسع تشمل:
- تدهور العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.
- تقويض دور ومصداقية مجموعة العشرين كمنصة رئيسية للحوار الاقتصادي العالمي.
- احتمالية تشجيع دول أخرى على اتخاذ مواقف مماثلة بناءً على خلافات سياسية ثنائية.
- زيادة الاستقطاب السياسي داخل الولايات المتحدة بشأن دورها على الساحة العالمية.





