ترامب يعلن مقاطعة الولايات المتحدة لقمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا
في خطوة مفاجئة قد تزيد من عزلة واشنطن على الساحة الدولية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بيان صدر مؤخراً أن الولايات المتحدة لن تشارك على أي مستوى في قمة مجموعة العشرين (G20) المقبلة المقرر عقدها في جنوب أفريقيا. وعزا ترامب هذا القرار إلى ما وصفه بـ "التقارير المستمرة والمقلقة حول استهداف الأقلية البيضاء" في البلاد، مكرراً مزاعم سابقة حول تعرض المزارعين البيض لمصادرة الأراضي و "القتل الممنهج".

خلفية القرار وتاريخ القضية
يأتي هذا الإعلان ليتوج اهتماماً قديماً للرئيس ترامب بقضية الأراضي والمزارعين البيض في جنوب أفريقيا. ففي عام 2018، أثار ترامب جدلاً واسعاً عندما صرح في تغريدة شهيرة أنه طلب من وزير خارجيته آنذاك التحقيق في مسألة "مصادرة الأراضي والمزارع والقتل الواسع النطاق للمزارعين" في جنوب أفريقيا. وقد استند في ادعاءاته إلى تقارير إعلامية محافظة ركزت على قضية الإصلاح الزراعي التي تعد من أكثر القضايا حساسية في تاريخ جنوب أفريقيا ما بعد نظام الفصل العنصري.
وتسعى حكومة جنوب أفريقيا منذ سنوات لمعالجة التفاوتات التاريخية في ملكية الأراضي، حيث لا تزال غالبية الأراضي الزراعية مملوكة للأقلية البيضاء. وتتضمن خطط الإصلاح إمكانية مصادرة الأراضي دون تعويض، وهو إجراء يثير قلق بعض المستثمرين والمجتمعات المحلية، بينما تراه الحكومة ضرورياً لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. ولطالما نفت حكومة بريتوريا وجود أي "إبادة جماعية" أو قتل ممنهج يستهدف المزارعين البيض، مؤكدة أن معدلات الجريمة المرتفعة تؤثر على جميع فئات المجتمع.
التداعيات الدبلوماسية والاقتصادية المحتملة
يمثل قرار المقاطعة الأمريكية تصعيداً خطيراً وتحولاً في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إحدى القوى الرئيسية في القارة الأفريقية. وتُعد قمم مجموعة العشرين المنصة الأهم لزعماء أكبر اقتصادات العالم لتنسيق السياسات ومواجهة التحديات العالمية المشتركة مثل تغير المناخ والأمن الغذائي والاستقرار المالي.
ومن المرجح أن يؤدي غياب الولايات المتحدة، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، إلى إضعاف قدرة القمة على التوصل إلى قرارات فاعلة، كما أنه يبعث برسالة قوية عن مدى استعداد إدارة ترامب لتحدي الأعراف الدبلوماسية والنظام متعدد الأطراف لتحقيق أهدافها السياسية. وقد تشمل التداعيات المحتملة ما يلي:
- توتر العلاقات الثنائية: من المتوقع أن يؤدي القرار إلى تدهور حاد في العلاقات بين واشنطن وبريتوريا، مع احتمال فرض عقوبات أو مراجعة المساعدات.
- انقسام داخل مجموعة العشرين: قد يضع القرار الدول الأعضاء في موقف حرج، بين محاولة إقناع الولايات المتحدة بالعدول عن قرارها أو المضي قدماً في القمة بدونها.
- فراغ قيادي: يمكن أن تستغل قوى عالمية أخرى، مثل الصين وروسيا، الفراغ الذي سيتركه غياب الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها داخل المجموعة وفي أفريقيا بشكل عام.
ردود الفعل الأولية
في رد فعل أولي، أعربت حكومة جنوب أفريقيا عن "صدمتها وخيبة أملها العميقة" تجاه القرار الأمريكي، واصفة الادعاءات التي استند إليها بأنها "لا أساس لها من الصحة وتستند إلى معلومات مضللة". وأكدت وزارة خارجيتها أن التحضيرات للقمة مستمرة، وأنها تتطلع إلى الترحيب بقادة العالم الآخرين لمناقشة القضايا الملحة التي تواجه المجتمع الدولي.
وعلى الصعيد الدولي، من المتوقع أن تعرب الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة عن قلقها، مؤكدة على أهمية الحوار والتعاون متعدد الأطراف. بينما لم تصدر تعليقات رسمية بعد من دول كبرى أخرى مثل الصين وروسيا، يرى مراقبون أن هذا التطور يخدم أجندتهما الساعية إلى إضعاف الهيمنة الأمريكية على المنظمات الدولية.





