أحمد الشرع وترامب: محادثات رسمية أولى إثر رفع العقوبات الأميركية
عقد الرئيس السوري أحمد الشرع محادثات تاريخية وغير مسبوقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض بواشنطن، في وقت سابق اليوم الإثنين، في خطوة تمثل تحولاً جذرياً في مسار العلاقات بين البلدين. يأتي هذا اللقاء رفيع المستوى بعد أيام قليلة من قرار الإدارة الأميركية شطب اسم الرئيس الشرع من قائمة واشنطن للإرهاب ورفع عدد من العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدبلوماسي بين الطرفين.

خلفية وتطورات العلاقة
لطالما اتسمت العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا بالتوتر والعداء العميق على مدى عقود، حيث أدرجت سوريا في مراحل متعددة ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، وواجهت عقوبات أميركية ودولية صارمة بسبب اتهامات بدعم جماعات مسلحة، وانتهاكات لحقوق الإنسان، ومحاولات لزعزعة استقرار المنطقة. ومع صعود أحمد الشرع إلى سدة الرئاسة في سوريا، أعقبته فترة من التغييرات الداخلية (لم يتم توضيح طبيعتها)، رأى بعض المراقبين الدوليين فرصة محتملة لتحول في السياسة السورية.
يمثل قرار إدارة ترامب بإزالة اسم الشرع من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات اللاحق تحولاً دراماتيكياً في السياسة الخارجية الأميركية تجاه سوريا. يشير محللون إلى أن هذا القرار ربما كان مدفوعاً بتصورات حول تغييرات في السياسات الداخلية والخارجية لحكومة الشرع، والتي قد تتضمن التزامات جديدة بمكافحة الإرهاب، وجهوداً نحو إصلاحات سياسية، أو إعادة تنظيم استراتيجي في مشهد الشرق الأوسط المعقد. هذا القرار المحوري مهد الطريق للمشاركة رفيعة المستوى وغير المسبوقة.
أجندة المحادثات وآفاقها
تركزت المناقشات في البيت الأبيض، التي امتدت لعدة ساعات صباح الإثنين، على مجموعة من القضايا الحيوية. أشارت مصادر مقربة من المفاوضات إلى أن الموضوعات الأساسية شملت التطبيع الكامل للعلاقات الدبلوماسية، وآليات إعادة الإعمار الاقتصادي في سوريا، وجهود المساعدات الإنسانية، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية.
أفادت التقارير بأن الرئيس ترامب شدد على أهمية الاستقرار في الشرق الأوسط وإمكانية بدء حقبة جديدة من التعاون، شريطة استمرار الإجراءات الإيجابية من الجانب السوري. لطالما أشارت إدارته إلى استعدادها للانخراط مع قادة كانوا يعتبرون في السابق خصوماً، إذا كان ذلك يخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.
من جانبه، يُعتقد أن الرئيس الشرع سعى إلى طمأنة واشنطن بشأن التزام سوريا بالمعايير الدولية ورغبتها في الاندماج الكامل في المجتمع العالمي. ومن المرجح أنه سلط الضوء على جهود حكومته لإعادة بناء البلاد ومعالجة التحديات الداخلية، مقدماً سوريا كشريك محتمل في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
دلالات اللقاء وتداعياته المحتملة
يحمل هذا الاجتماع أهمية رمزية وعملية بالغة. فبالنسبة لسوريا، يقدم مساراً حاسماً نحو كسر عزلتها الدولية الطويلة، مما قد يفتح الأبواب أمام استثمارات اقتصادية حيوية ودعم إنساني ضروري لتعافيها بعد الصراع. وقد يعزز أيضاً الشرعية الداخلية للشرع ويدعم مكانة حكومته على الساحة العالمية.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن هذا الانخراط يشير إلى نهج براغماتي وموجه نحو النتائج في سياستها الخارجية، يمنح الأولوية للمكاسب الاستراتيجية المتصورة على حساب الخلافات الماضية. ومع ذلك، فإنه يثير تساؤلات لدى بعض الحلفاء ومنظمات حقوق الإنسان بشأن تداعيات التعامل مع نظام واجه تاريخياً اتهامات بانتهاكات جسيمة.
- تشكيل لجان مشتركة لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي وتبادل الخبرات.
- مناقشة إعادة فتح البعثات الدبلوماسية وتبادل السفراء بشكل تدريجي في المستقبل المنظور.
- تنسيق أكبر في جهود مكافحة الإرهاب والقضايا الأمنية الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
- تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة في سوريا وتعزيز الاستقرار الإغاثي.
على الرغم من هذا الاختراق الأولي، لا تزال هناك تحديات كبيرة. من المرجح أن يكون الطريق إلى التطبيع الكامل طويلاً، ويتطلب إجراءات مستمرة لبناء الثقة والالتزام الملموس بالاتفاقيات الدولية من كلا الجانبين. كما ستلعب ردود الأفعال الإقليمية، خاصة من الدول التي عارضت الحكومة السورية، دوراً حاسماً في تشكيل المسار المستقبلي لهذه العلاقات المتجددة. يراقب العالم عن كثب لمعرفة ما إذا كان هذا الاجتماع التاريخي يمثل نقطة تحول حقيقية أم مجرد خطوة أولى حذرة في رحلة دبلوماسية طويلة ومعقدة.





