ترامب يهدد بمقاضاة "بي بي سي" ويطالب بتعويض يصل إلى مليار دولار
صعّد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من مواجهته مع وسائل الإعلام، حيث وجه فريقه القانوني خطابًا رسميًا إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في أواخر يناير 2023، مهددًا بإجراءات قانونية قد تصل قيمتها إلى مليار دولار. جاء هذا التحرك ردًا على بث الهيئة لفيلم وثائقي بعنوان "Unprecedented" (غير مسبوق)، والذي يزعم محامو ترامب أنه يحتوي على ادعاءات "كاذبة وتشهيرية" بحقه.

تفاصيل المطالب القانونية
تضمنت الرسالة التي أرسلها الفريق القانوني لترامب إلى المدير العام لشبكة "بي بي سي"، تيم ديفي، مطالب واضحة وصريحة. وطالب المحامون الهيئة بسحب الفيلم الوثائقي المكون من ثلاثة أجزاء فورًا وتقديم اعتذار رسمي وعلني للرئيس السابق. وحذرت الرسالة من أنه في حال عدم الامتثال لهذه المطالب، فإنهم سيمضون قدمًا في رفع دعوى قضائية للمطالبة بتعويضات مالية ضخمة تتجاوز قيمتها المليار دولار كتعويض عن الأضرار التي لحقت بسمعته.
محتوى الفيلم الوثائقي المثير للجدل
يركز الفيلم الوثائقي "Unprecedented" للمخرج البريطاني أليكس هولدر على الأشهر الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب. وقد مُنح المخرج وصولاً غير مسبوق لترامب وعائلته، بما في ذلك أبناؤه دونالد جونيور وإيفانكا وإريك، بالإضافة إلى نائب الرئيس آنذاك مايك بنس. ويغطي الفيلم الفترة التي سبقت وبعد انتخابات عام 2020، وصولًا إلى أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.
ويكمن جوهر الخلاف في كيفية تصوير الفيلم لدور ترامب في تلك الأحداث. يعتبر فريق ترامب أن السرد الوثائقي يربطه بشكل مباشر ومضلل بالتحريض على العنف الذي وقع في ذلك اليوم، وهو ما يعتبرونه تشهيرًا متعمدًا. وقد تم بث الفيلم في الأصل على منصة "ديسكفري بلس" في الولايات المتحدة قبل أن تحصل "بي بي سي" على حقوق بثه في المملكة المتحدة.
السياق والخلفية
لا يعتبر هذا الإجراء القانوني حدثًا معزولاً، بل يندرج ضمن نمط متكرر من المواجهات بين دونالد ترامب والمؤسسات الإعلامية الكبرى التي ينتقد تغطيتها له. ولطالما وصف ترامب وسائل الإعلام التي لا تتفق مع روايته بأنها "أخبار كاذبة" و "عدو الشعب". وقد سبق له أن رفع دعاوى قضائية أو هدد بمقاضاة مؤسسات إخبارية بارزة أخرى، بما في ذلك شبكة "سي إن إن" وصحيفتي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، في محاولات للرد على التقارير التي اعتبرها مسيئة أو غير دقيقة.
الأهمية والتداعيات المحتملة
يحمل هذا التهديد القانوني أهمية خاصة لأنه يستهدف واحدة من أكبر هيئات البث العامة في العالم، مما يثير تساؤلات حول حرية الصحافة وقدرة وسائل الإعلام على تغطية الشخصيات العامة القوية. ورغم أن الفوز في قضايا التشهير ضد الشخصيات العامة في الولايات المتحدة يعد أمرًا صعبًا للغاية بسبب الحاجة إلى إثبات "الخبث الفعلي"، إلا أن قوانين التشهير في المملكة المتحدة قد تكون أكثر ملاءمة للمدعين، وهو ما قد يفسر استهداف بث "بي بي سي" على وجه التحديد.
من المتوقع أن تدافع "بي بي سي" بقوة عن قرارها ببث الفيلم، مستندة إلى مبادئ المصلحة العامة والحرية التحريرية. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي مثل هذه المعارك القانونية، حتى لو لم تسفر عن إدانة، إلى تكاليف باهظة وتستهلك موارد كبيرة من المؤسسات الإعلامية، وهو ما يراه البعض تكتيكًا يهدف إلى إرهاق الخصوم وردعهم عن نشر تغطية نقدية في المستقبل.





