مجلس الشيوخ الأمريكي يمرر تشريعاً لإنهاء الإغلاق الحكومي الفيدرالي
في خطوة أنهت أطول إغلاق جزئي للحكومة في تاريخ الولايات المتحدة، أقر مجلسا الشيوخ والنواب تشريعاً لتمويل مؤقت للوكالات الفيدرالية، مما سمح بإعادة فتح أبوابها بعد توقف دام 35 يوماً. جاء هذا التطور في أواخر يناير 2019، ليمثل انفراجة في المواجهة السياسية الشديدة بين الرئيس آنذاك دونالد ترامب والديمقراطيين في الكونغرس حول تمويل جدار حدودي مع المكسيك.

خلفية الأزمة السياسية
اندلعت الأزمة في 22 ديسمبر 2018، عندما فشل الكونغرس والبيت الأبيض في الاتفاق على ميزانية لتمويل العديد من الإدارات الحكومية الرئيسية. كان جوهر الخلاف هو إصرار الرئيس ترامب على تضمين مبلغ 5.7 مليار دولار في الميزانية لبناء جدار على طول الحدود الجنوبية، وهو ما رفضه الديمقراطيون بشدة، الذين كانوا قد سيطروا على مجلس النواب حديثاً. أدى هذا الجمود إلى توقف تمويل حوالي ربع الحكومة الفيدرالية، مما أدخل البلاد في إغلاق حكومي طويل وغير مسبوق.
تداعيات الإغلاق وتأثيره الواسع
امتد تأثير الإغلاق الحكومي ليشمل جوانب متعددة من الحياة اليومية في الولايات المتحدة، حيث كان له عواقب اقتصادية وإنسانية كبيرة. تأثر ما يقرب من 800,000 موظف فيدرالي، حيث تم إعطاء إجازة إلزامية لمئات الآلاف منهم دون أجر، بينما اضطر آخرون، ممن تعتبر وظائفهم أساسية مثل ضباط أمن المطارات وحرس السواحل، إلى العمل دون الحصول على رواتبهم. هذا الوضع خلق حالة من عدم اليقين المالي الشديد لملايين الأمريكيين.
امتدت التداعيات لتشمل قطاعات أخرى، حيث أثر الإغلاق على الخدمات العامة بشكل ملحوظ. وقد شملت الآثار ما يلي:
- توقف العمل في المتنزهات الوطنية والمتاحف الفيدرالية أو عملها بقدرة محدودة.
- تباطؤ في عمليات التفتيش على سلامة الأغذية وتأخير في الموافقات على الأدوية.
- تأجيل نشر البيانات الاقتصادية الحكومية الهامة، مما أثر على الأسواق المالية.
- زيادة أوقات الانتظار في المطارات بسبب غياب عدد من موظفي إدارة أمن النقل عن العمل احتجاجاً على عدم تلقي رواتبهم.
تفاصيل الاتفاق المؤقت
بعد أسابيع من المفاوضات المتعثرة والضغط السياسي والشعبي المتزايد، أعلن الرئيس ترامب عن دعمه لاتفاق قصير الأجل لإعادة فتح الحكومة. لم يتضمن الاتفاق أي تمويل جديد للجدار الحدودي، بل كان عبارة عن قرار تمويل مستمر (Continuing Resolution) لمدة ثلاثة أسابيع، حتى 15 فبراير 2019. كان الهدف من هذه الفترة هو منح المشرعين من الحزبين وقتاً للتفاوض حول حزمة تمويل أوسع لأمن الحدود.
مرر مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، مشروع القانون بالإجماع، وسرعان ما تبعه مجلس النواب الذي يقوده الديمقراطيون. مثّل هذا الإجراء تنازلاً كبيراً من البيت الأبيض الذي كان يرفض أي صفقة لا تتضمن تمويلاً صريحاً للجدار. جاءت هذه الخطوة لتنهي حالة الشلل التي أصابت واشنطن وتوفر راحة مؤقتة للموظفين المتضررين.
الأهمية والخطوات المستقبلية
كانت أهمية هذا القرار تكمن في كونه أنهى أزمة فورية وأعاد تشغيل الخدمات الحكومية الأساسية، مما سمح للموظفين الفيدراليين بالعودة إلى أعمالهم وتلقي رواتبهم المتأخرة. ومع ذلك، لم يحل الاتفاق المؤقت الخلاف الجوهري حول أمن الحدود. تم تشكيل لجنة من الحزبين في الكونغرس للتفاوض والتوصل إلى تسوية دائمة حول تمويل أمن الحدود قبل انتهاء مهلة الثلاثة أسابيع، مع بقاء التهديد بإغلاق حكومي آخر قائماً إذا فشلت المفاوضات مجدداً.





