الكونغرس الأمريكي يقرّ تشريعاً للتمويل قصير الأمد لتجنب إغلاق حكومي
في خطوة حاسمة لتفادي شلل الخدمات الفيدرالية، أقر الكونغرس الأمريكي مشروع قانون للتمويل المؤقت قبل ساعات فقط من الموعد النهائي، مما يضمن استمرار عمل الحكومة ويؤجل مواجهة سياسية أوسع نطاقاً حول الإنفاق السنوي. وقد حظي الإجراء، المعروف باسم "القرار المستمر"، بدعم واسع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مما يعكس الرغبة المشتركة في تجنب التبعات الاقتصادية والاجتماعية المدمرة للإغلاق الحكومي.

خلفية الأزمة: شبح الإغلاق الحكومي
يواجه الكونغرس الأمريكي بشكل دوري خطر الإغلاق الحكومي عندما يفشل في إقرار مشاريع قوانين الاعتمادات السنوية الـ 12 التي تمول مختلف الوكالات والبرامج الفيدرالية قبل بدء السنة المالية الجديدة في الأول من أكتوبر. وفي غياب هذا التمويل، تضطر الوكالات الحكومية "غير الأساسية" إلى إغلاق أبوابها، وإرسال مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين إلى منازلهم في إجازة غير مدفوعة الأجر، وتعليق العديد من الخدمات العامة، مما يؤثر على كل شيء بدءاً من المتنزهات الوطنية وحتى معالجة طلبات جوازات السفر والتأشيرات.
كانت الأزمة الأخيرة مدفوعة بخلافات عميقة بين الحزبين، بالإضافة إلى انقسامات داخل الحزب الجمهوري نفسه، خاصة في مجلس النواب. حيث طالب الجناح المحافظ المتشدد في الحزب الجمهوري بتخفيضات كبيرة في الإنفاق وإدراج بنود سياسية تتعلق بقضايا مثل أمن الحدود، وهي مطالب قوبلت بالرفض من قبل الديمقراطيين الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ والبيت الأبيض.
تفاصيل مشروع القانون المؤقت
يعمل التشريع الذي تم إقراره كحل مؤقت، وليس دائماً. فهو لا يحدد مستويات إنفاق جديدة، بل يمدد التمويل بالمستويات الحالية لفترة زمنية محددة، مما يمنح المشرعين مزيداً من الوقت للتفاوض على اتفاق طويل الأجل. ومن أبرز سمات هذا الاتفاق المؤقت:
- التمويل النظيف: تم تمرير مشروع القانون كقرار "نظيف"، مما يعني أنه لا يتضمن تعديلات سياسية مثيرة للجدل أو تخفيضات كبيرة في الإنفاق كان يطالب بها بعض الجمهوريين.
- غياب المساعدات الخارجية: بشكل حاسم، تم استبعاد التمويل الإضافي لأوكرانيا وإسرائيل من هذا الإجراء. وقد أصر الجمهوريون في مجلس النواب على فصل هذه المساعدات عن تمويل الحكومة، مما أدى إلى تأجيل النقاش حولها.
- فترة التمديد: يوفر القانون التمويل اللازم لأسابيع قليلة أو بضعة أشهر، مما يحدد موعداً نهائياً جديداً يجب على الكونغرس الالتزام به لتجنب أزمة مماثلة مرة أخرى.
المسار التشريعي وردود الفعل
تمت الموافقة على مشروع القانون في مجلس الشيوخ بأغلبية كبيرة، حيث صوت العديد من الجمهوريين والديمقراطيين لصالحه، مما يعكس الإجماع على ضرورة إبقاء الحكومة مفتوحة. قاد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، وزعيم الأقلية، ميتش ماكونيل، الجهود لتأمين هذا الدعم من الحزبين.
بعد ذلك، انتقل مشروع القانون إلى مجلس النواب، حيث واجه تحدياً أكبر بسبب الأغلبية الجمهورية الضئيلة والانقسامات الداخلية. ومع ذلك، تمكن رئيس مجلس النواب من تمرير الإجراء من خلال الاعتماد على دعم كبير من الأصوات الديمقراطية، وهي خطوة يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر السياسية بالنسبة له داخل حزبه.
رحب البيت الأبيض بإقرار مشروع القانون، مؤكداً على أهمية تجنب الإغلاق الذي كان من شأنه أن يضر بالاقتصاد والأمن القومي. ومع ذلك، شدد الرئيس جو بايدن على الحاجة الملحة لإقرار حزمة المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل في أقرب وقت ممكن.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
إن إقرار هذا التمويل قصير الأمد ليس سوى حل مؤقت يؤجل المشكلة الأساسية. لا يزال يتعين على الكونغرس التفاوض والاتفاق على حزمة إنفاق شاملة للسنة المالية بأكملها. ستعود الخلافات حول مستويات الإنفاق وأمن الحدود والمساعدات الخارجية إلى الظهور حتماً مع اقتراب الموعد النهائي الجديد. يرى المحللون أن هذه الجولة من المفاوضات أظهرت مرة أخرى مدى صعوبة الحكم في ظل الانقسامات الحزبية العميقة في واشنطن، مما ينذر بأن المواجهة القادمة قد تكون أكثر صعوبة.





