الولايات المتحدة تواجه تداعيات الإغلاق الحكومي ومجلس الشيوخ يكثف مفاوضاته
مع دخول الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية الأمريكية أسبوعه الخامس في أواخر يناير 2019، ليصبح الأطول في تاريخ البلاد، تصاعدت الضغوط على المشرعين في واشنطن لإيجاد حل فوري للأزمة. تركزت الأنظار على مجلس الشيوخ، حيث كثف القادة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي جهودهم للتوصل إلى اتفاق ينهي حالة الشلل التي أثرت على مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين وأضرت بالعديد من الخدمات العامة الحيوية.

خلفية الأزمة وأسبابها الرئيسية
اندلعت الأزمة في 22 ديسمبر 2018، نتيجة خلاف حاد حول تمويل الجدار الحدودي الذي طالب به الرئيس آنذاك دونالد ترامب على الحدود مع المكسيك. أصر الرئيس على تضمين مبلغ 5.7 مليار دولار في ميزانية الإنفاق الحكومي لتمويل الجدار، وهو ما رفضه الديمقراطيون بشدة، خاصة بعد سيطرتهم على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي. أدى هذا الخلاف إلى عدم تمرير مشاريع قوانين الإنفاق اللازمة لتمويل حوالي ربع الوكالات الحكومية الفيدرالية، مما أدى إلى دخولها في حالة إغلاق جزئي.
تداعيات الإغلاق وأثره على الخدمات والموظفين
امتدت آثار الإغلاق لتشمل قطاعات واسعة من الاقتصاد والمجتمع الأمريكي. تأثر ما يقرب من 800,000 موظف فيدرالي، حيث تم إرسال بعضهم في إجازة غير مدفوعة الأجر، بينما طُلب من آخرين، ممن تعتبر وظائفهم أساسية، العمل دون الحصول على رواتبهم في الوقت المحدد. وقد شملت التداعيات الرئيسية ما يلي:
- اضطرابات في قطاع الطيران: أدت زيادة حالات الغياب المرضي بين موظفي إدارة أمن النقل (TSA) ومراقبي الحركة الجوية إلى تأخيرات كبيرة في المطارات الرئيسية، مما أثار مخاوف بشأن سلامة وأمن السفر الجوي.
- توقف الخدمات الحكومية: توقفت العديد من الخدمات غير الأساسية، مثل عمل المتاحف الوطنية والمتنزهات، وتأخرت معالجة طلبات القروض والموافقات التنظيمية، مما أثر على الشركات والمواطنين على حد سواء.
- التأثير الاقتصادي: قدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن الإغلاق كلف الاقتصاد الأمريكي مليارات الدولارات بسبب فقدان إنتاجية الموظفين وتراجع النشاط الاقتصادي في القطاعات المتضررة.
آخر التطورات والجهود التشريعية
في الأيام التي سبقت التوصل إلى حل، شهد مجلس الشيوخ محاولات تشريعية مكثفة. طرح كل من الجمهوريين والديمقراطيين خططًا منفصلة لإنهاء الإغلاق، لكن كلا المقترحين فشل في الحصول على الـ 60 صوتًا اللازمة لتمريرهما. المقترح الجمهوري كان يتضمن تمويل الجدار، بينما كان المقترح الديمقراطي يهدف إلى إعادة فتح الحكومة دون تخصيص أموال للجدار. ومع تزايد الضغط العام، خاصة بعد تفاقم أزمة المطارات، انخرط زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وزعيم الأقلية تشاك شومر في مفاوضات مباشرة أدت في النهاية إلى انفراجة.
أهمية الاتفاق المؤقت والمرحلة المقبلة
في 25 يناير 2019، أعلن الرئيس ترامب عن توصله لاتفاق مع قادة الكونغرس لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية بشكل مؤقت لمدة ثلاثة أسابيع، حتى 15 فبراير. لم يتضمن الاتفاق أي تمويل للجدار الحدودي، ولكنه شكل هدنة لإنهاء المعاناة الفورية للموظفين الفيدراليين واستئناف الخدمات الحكومية. أتاح هذا الإجراء المؤقت الفرصة لتشكيل لجنة من الحزبين في الكونغرس للتفاوض حول حزمة أوسع لأمن الحدود، مما أجل المواجهة السياسية دون أن يحلها بشكل جذري، ولكنه وفر متسعًا من الوقت للحوار بعيدًا عن ضغط الإغلاق الحكومي.





