فوضى في المطارات الأمريكية: الإغلاق الحكومي يربك حركة الطيران ويتسبب في إلغاء وتأخير آلاف الرحلات
وصلت تداعيات الإغلاق الحكومي الجزئي في الولايات المتحدة إلى ذروتها في أواخر شهر يناير 2019، حيث تسبب في اضطرابات واسعة النطاق في قطاع الطيران المدني، مما أدى إلى تأخير وإلغاء آلاف الرحلات الجوية في مختلف أنحاء البلاد. وقد سلطت هذه الأزمة الضوء على مدى تأثر البنية التحتية الحيوية بالخلافات السياسية، وكشفت عن الدور الحاسم الذي يلعبه الموظفون الفيدراليون في الحفاظ على سلامة وكفاءة حركة الملاحة الجوية.

خلفية الأزمة: الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ أمريكا
بدأ الإغلاق الحكومي في 22 ديسمبر 2018، واستمر لمدة 35 يومًا، ليصبح الأطول في تاريخ الولايات المتحدة. نشأ الإغلاق نتيجة لخلاف حاد بين الإدارة الأمريكية والكونغرس حول تمويل جدار حدودي مع المكسيك. أدى عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية إلى توقف تمويل العديد من الوكالات الفيدرالية، مما أجبر حوالي 800,000 موظف فيدرالي إما على الحصول على إجازة إجبارية أو العمل دون تقاضي رواتبهم، وكان من بينهم آلاف الموظفين العاملين في قطاع الطيران.
التأثير المباشر على قطاع الطيران
مع استمرار الإغلاق لأسابيع، بدأت آثاره السلبية تتجلى بوضوح في المطارات الأمريكية. تركز التأثير بشكل كبير على ثلاث فئات رئيسية من الموظفين الفيدراليين الذين يعتبر عملهم ضرورياً لسلامة الطيران:
- مراقبو الحركة الجوية: اضطر مراقبو الحركة الجوية، وهم موظفون في إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، إلى مواصلة عملهم الحساس والمرهق دون أجر. أدى ذلك إلى زيادة الضغط النفسي والمادي عليهم، مما دفع نقابتهم (NATCA) إلى التحذير من أن الإجهاد ونقص الموظفين بسبب الغيابات المرضية يهددان سلامة المجال الجوي.
- موظفو إدارة أمن النقل (TSA): شهدت المطارات ارتفاعًا كبيرًا في معدلات الغياب غير المجدول بين ضباط أمن النقل، الذين كانوا يعملون أيضًا دون مقابل. أدى هذا النقص في الموظفين إلى طوابير انتظار طويلة جداً عند نقاط التفتيش الأمنية، وفي بعض الحالات، تم إغلاق بعض نقاط التفتيش بالكامل، مما تسبب في مزيد من التأخير والفوضى للركاب.
- مفتشو السلامة والمهندسون: توقف عمل العديد من مفتشي السلامة والمهندسين التابعين لإدارة الطيران الفيدرالية، الذين كانوا في إجازة إجبارية. أدى ذلك إلى تأخير عمليات فحص الطائرات وإصدار شهادات السلامة للطائرات الجديدة، مما كان له تأثيرات طويلة الأمد على شركات الطيران.
ذروة الاضطرابات في المطارات الكبرى
بلغت الأزمة ذروتها يوم الجمعة، 25 يناير 2019، وهو اليوم الخامس والثلاثون للإغلاق. شهد هذا اليوم نقصًا حادًا في عدد المراقبين الجويين في مراكز التحكم الرئيسية على الساحل الشرقي، مما أجبر إدارة الطيران الفيدرالية على اتخاذ إجراءات استثنائية. تم فرض توقف مؤقت للرحلات القادمة إلى مطار لاغوارديا في نيويورك، وسُجلت تأخيرات كبيرة في مطارات رئيسية أخرى مثل مطار نيوآرك ليبرتي الدولي ومطار فيلادلفيا الدولي. وفي ذلك اليوم وحده، تم تأخير آلاف الرحلات وإلغاء المئات منها في جميع أنحاء البلاد، مما أثر على عشرات الآلاف من المسافرين.
تحذيرات تتعلق بالسلامة وردود الفعل
قبل تفاقم الأزمة في المطارات، أصدرت عدة نقابات تمثل العاملين في قطاع الطيران بيانات مشتركة تحذر من أن الإغلاق الحكومي يعرض سلامة الركاب وطواقم الطيران للخطر. وأكد قادة نقابات الطيارين والمضيفين الجويين والمراقبين الجويين أن طبقات السلامة المتعددة في نظام الطيران الوطني بدأت تتآكل بسبب غياب التمويل والضغط على الموظفين. وقد شكلت هذه التحذيرات ضغطًا كبيرًا على السياسيين لإنهاء الأزمة، حيث اعتبر الكثيرون أن اضطراب حركة الطيران كان نقطة التحول التي دفعت نحو التوصل إلى حل.
الأهمية والسياق الأوسع
أظهرت أزمة الطيران خلال الإغلاق الحكومي لعام 2019 كيف يمكن للنزاعات السياسية أن تمتد لتؤثر بشكل مباشر على الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها ملايين المواطنين يوميًا. لم تقتصر الخسائر على الجانب الاقتصادي المتمثل في تكاليف شركات الطيران وتذاكر المسافرين، بل امتدت لتثير مخاوف حقيقية بشأن السلامة العامة. في أعقاب الفوضى التي شهدتها المطارات، تم الإعلان في نفس اليوم عن اتفاق مؤقت لإعادة فتح الحكومة لمدة ثلاثة أسابيع، مما سمح باستئناف المفاوضات حول تمويل أمن الحدود وإنهاء الاضطرابات التي أصابت قطاع الطيران بالشلل.





