سيناتور أمريكي: الإغلاق الحكومي صراع حول خدمة الأثرياء على حساب الشعب
في تحليل للأزمة التي أدت إلى أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، قدم السيناتور المستقل بيرني ساندرز رؤية تتجاوز الخلاف الظاهري حول تمويل جدار حدودي، معتبراً أن جوهر الأزمة يكمن في صراع أيديولوجي حول أولويات الإنفاق الحكومي ومن تخدم سياساته بالفعل. ففي تصريحات متعددة خلال فترة الإغلاق الحكومي في أواخر 2018 وأوائل 2019، ربط ساندرز بين إصرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على الإغلاق وبين السياسات المالية التي تبنتها الإدارة، وعلى رأسها التخفيضات الضريبية الكبيرة التي أقرت عام 2017.

خلفية الأزمة: إغلاق قياسي بسبب جدار حدودي
بدأ الإغلاق الحكومي الفيدرالي في 22 ديسمبر 2018 واستمر لمدة 35 يومًا، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً. كان السبب المباشر للأزمة هو وصول مفاوضات الميزانية إلى طريق مسدود بين البيت الأبيض والكونغرس، حيث أصر الرئيس ترامب على تضمين مبلغ 5.7 مليار دولار لتمويل بناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهو ما رفضه الديمقراطيون الذين كانوا قد سيطروا على مجلس النواب. أدى هذا الخلاف إلى توقف تمويل حوالي ربع الوكالات الفيدرالية، مما أثر بشكل مباشر على حياة مئات الآلاف من الموظفين.
تحليل ساندرز: صراع أولويات لا خلاف على ميزانية
وفقًا للسيناتور ساندرز، لم يكن الخلاف حول مبلغ الـ 5.7 مليار دولار هو السبب الحقيقي، بل كان مجرد عرض لمشكلة أعمق. جادل ساندرز بأن الإدارة الجمهورية وحلفاءها في الكونغرس أظهروا استعدادهم لتعطيل الحكومة وحرمان حوالي 800,000 موظف فيدرالي من رواتبهم من أجل قضية الجدار، في حين أنهم لم يترددوا قبل عام واحد في إقرار قانون التخفيضات الضريبية والوظائف. وأشار إلى أن هذا القانون قدم تخفيضات ضريبية دائمة للشركات الكبرى والأفراد الأكثر ثراءً، بتكلفة تقدر بأكثر من 1.5 تريليون دولار على مدى عقد من الزمن. ومن وجهة نظره، كشف هذا التناقض عن الأولويات الحقيقية لصانعي السياسات: خدمة مصالح الشركات والأثرياء على حساب الخدمات العامة والموظفين الحكوميين.
السياق الاقتصادي: قانون التخفيضات الضريبية لعام 2017
لتتضح الصورة التي رسمها ساندرز، من الضروري فهم سياق قانون التخفيضات الضريبية لعام 2017. كان هذا التشريع هو الإنجاز الأبرز لإدارة ترامب على الصعيد الداخلي، حيث خفض بشكل كبير معدل الضريبة على الشركات من 35% إلى 21%، بالإضافة إلى تخفيضات متنوعة للأفراد. وجه الديمقراطيون والنقاد الاقتصاديون انتقادات حادة للقانون، مؤكدين أن فوائده تتركز بشكل غير متناسب في قمة الهرم الاقتصادي، أي لدى نسبة الـ 1% من السكان، بينما يقدم فوائد محدودة ومؤقتة للطبقة الوسطى والعاملة، ويزيد في الوقت نفسه من حجم الدين الوطني بشكل كبير. استخدم ساندرز هذا القانون كدليل على أن الجمهوريين لديهم الموارد المالية عندما يتعلق الأمر بمساعدة حلفائهم من الشركات، لكنهم يدعون التقشف عند مناقشة الإنفاق على البرامج الاجتماعية أو حتى رواتب الموظفين.
التداعيات والآثار الأوسع
لم تقتصر آثار الإغلاق الحكومي على الموظفين الفيدراليين وعائلاتهم الذين واجهوا صعوبات مالية، بل امتدت لتشمل الاقتصاد الأمريكي ككل. قدرت جهات مستقلة، مثل مكتب الميزانية في الكونغرس، أن الإغلاق كلف الاقتصاد الأمريكي مليارات الدولارات بسبب توقف المشاريع الحكومية، وتراجع إنفاق الموظفين، وتعطل الخدمات الحيوية. وهكذا، فإن رؤية ساندرز قدمت تفسيراً للأزمة يتجاوز السياسة اليومية، حيث اعتبرها تجسيداً للصراع الأكبر في السياسة الأمريكية حول العدالة الاقتصادية والدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة في خدمة مواطنيها.





