إعادة فتح سجن "راكيفت" الإسرائيلي لاحتجاز معتقلين من غزة وسط ظروف قاسية
أفادت تقارير حقوقية وشهادات لمعتقلين سابقين بأن السلطات الإسرائيلية أعادت تشغيل قسم "راكيفت"، وهو جزء من مجمع سجن كتسيعوت الصحراوي، لاحتجاز مئات الفلسطينيين من قطاع غزة في أعقاب الهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر 2023. أثارت هذه الخطوة مخاوف جدية لدى منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية بشأن الظروف التي يُحتجز فيها هؤلاء الأفراد، والذين يخضع الكثير منهم للاعتقال دون توجيه تهم رسمية أو تحديد موعد لمحاكمتهم.

خلفية عن سجن "راكيفت"
يقع سجن "راكيفت" داخل مجمع سجن كتسيعوت (النقب) في صحراء النقب، والذي يُعتبر أحد أكبر مرافق الاحتجاز الإسرائيلية. تاريخياً، تم استخدام أجزاء من هذا المجمع لاحتجاز أسرى ومعتقلين خلال فترات الصراع المختلفة. وبعد سنوات من الإغلاق الجزئي أو الاستخدام المحدود، تم تخصيص قسم "راكيفت" لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المعتقلين الذين تم أسرهم من قطاع غزة خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة. يُدار هذا القسم من قبل الجيش الإسرائيلي، مما يضعه ضمن إطار قانوني مختلف عن السجون المدنية التي تديرها مصلحة السجون الإسرائيلية.
ظروف الاحتجاز والإطار القانوني
تصف الشهادات الواردة من معتقلين مُفرج عنهم ومنظمات حقوقية ظروفاً بالغة القسوة داخل المنشأة. تشير هذه التقارير إلى أن العديد من المعتقلين محتجزون في أقسام تحت الأرض أو في زنازين تفتقر إلى أبسط المقومات الأساسية مثل ضوء الشمس والتهوية الكافية. كما أن هناك ادعاءات واسعة النطاق حول الاكتظاظ الشديد، ونقص الغذاء والمياه النظيفة، والإهمال الطبي المتعمد.
يتم احتجاز الغالبية العظمى من هؤلاء المعتقلين بموجب "قانون المقاتلين غير الشرعيين" الإسرائيلي، وهو تشريع مثير للجدل تم تعديله في ديسمبر 2023. يسمح هذا القانون للجيش باحتجاز أفراد من مناطق تعتبرها إسرائيل معادية، مثل قطاع غزة، لفترات طويلة دون تهمة أو محاكمة، مع مراجعة قضائية محدودة. وبموجب هذا الإطار، يُحرم المعتقلون من العديد من الحقوق التي تُمنح عادةً للأسرى بموجب القانون الجنائي العادي أو حتى قوانين الاعتقال الإداري التقليدية.
وفقاً لشهادات جمعتها منظمات مثل "بتسيلم" و"هاموكيد"، فإن المعتقلين يواجهون صعوبات جمة في التواصل مع العالم الخارجي، بما في ذلك المحامون وممثلو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مما يزيد من عزلتهم ومخاوف عائلاتهم التي لا تعرف مصيرهم في كثير من الأحيان.
السياق والتطورات الأخيرة
جاءت عملية إعادة تفعيل سجن "راكيفت" كجزء من استجابة إسرائيل للأحداث التي بدأت في 7 أكتوبر، حيث اعتقلت القوات الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة، بينهم عمال كانوا متواجدين في إسرائيل ومدنيون تم اعتقالهم خلال التوغل البري. تصنف إسرائيل هؤلاء المعتقلين على أنهم يشكلون خطراً أمنياً، وتبرر الإجراءات المشددة بضرورات الحرب والحاجة إلى جمع معلومات استخباراتية.
في المقابل، تؤكد المنظمات الحقوقية أن هذه الممارسات قد ترقى إلى مستوى المعاملة اللاإنسانية والمهينة، وتنتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف التي تحكم معاملة المدنيين في أوقات النزاع. وقد دعت هذه المنظمات مراراً إلى إجراء تحقيق مستقل في الادعاءات والسماح بوصول فوري للمراقبين الدوليين لتقييم أوضاع المعتقلين.
الأهمية والتداعيات
تكتسب قضية المعتقلين في سجن "راكيفت" أهمية خاصة لأنها تسلط الضوء على التحديات الإنسانية والقانونية التي يفرضها الصراع الحالي. إن احتجاز أفراد لأشهر دون تهم واضحة وفي ظروف مزرية يثير أسئلة عميقة حول سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان الأساسية حتى في أوقات الحرب. كما أن الغموض الذي يحيط بمصير هؤلاء المعتقلين يزيد من معاناة أسرهم ويغذي حالة عدم اليقين والتوتر في المنطقة. وتظل هذه القضية نقطة محورية في النقاش الدولي حول سلوك الأطراف المتحاربة والالتزام بالقانون الدولي.





