بقيادة الولايات المتحدة، مركز تنسيق جديد يشرف على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
في تطور بارز يهدف إلى معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، أعلنت الولايات المتحدة عن قيادتها لمركز تنسيق مدني-عسكري جديد مخصص للإشراف على تدفق وتوزيع المساعدات. تأتي هذه الخطوة، التي تم تفعيلها خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة لتجاوز العقبات اللوجستية والأمنية التي أعاقت وصول الإغاثة إلى ملايين المدنيين المحتاجين، ولتحسين آلية تفادي استهداف عمال الإغاثة.

خلفية الأزمة وتحديات إيصال المساعدات
منذ بدء العمليات العسكرية في قطاع غزة، واجهت المنظمات الإنسانية تحديات هائلة في إيصال المساعدات الحيوية. تمثلت أبرز هذه العقبات في الإجراءات الإسرائيلية المعقدة على المعابر، والقيود المفروضة على أنواع وكميات المواد المسموح بدخولها، بالإضافة إلى الفوضى الأمنية داخل القطاع التي تعرّض القوافل لخطر النهب والهجمات. وقد بلغت الأزمة ذروتها بعد حوادث متكررة استهدفت عمال الإغاثة، وأبرزها مقتل سبعة من موظفي منظمة «المطبخ المركزي العالمي» (World Central Kitchen) في غارة جوية إسرائيلية مطلع أبريل 2024، مما أثار غضباً دولياً وضغطاً كبيراً على إسرائيل والولايات المتحدة لتأمين ممرات آمنة للعمل الإنساني.
آلية عمل مركز التنسيق الجديد
يعمل المركز الجديد كغرفة عمليات مشتركة تهدف بشكل أساسي إلى تحقيق ما يُعرف بـ «فك الاشتباك» أو «التنسيق لمنع الاحتكاك» (Deconfliction). وتقوم فكرته على إنشاء قناة اتصال مباشرة وموثوقة بين المنظمات الإنسانية العاملة على الأرض والجيش الإسرائيلي، تحت إشراف أميركي مباشر. من خلال هذه الآلية، تقوم منظمات الإغاثة بإبلاغ المركز مسبقاً بمسارات تحرك قوافلها وجداولها الزمنية، ليتولى المركز بدوره تنسيق هذه التحركات مع القوات الإسرائيلية لضمان عدم استهدافها.
ويضم المركز ممثلين عن القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، والأمم المتحدة، ومنظمات إغاثة دولية، إلى جانب ضباط اتصال من الجيش الإسرائيلي. ورغم أن المركز لا يحل محل دور وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (COGAT) بشكل كامل، إلا أنه يهدف إلى إضافة طبقة من الرقابة والمساءلة بقيادة طرف ثالث لتبسيط الإجراءات وزيادة فعاليتها.
الأهداف والتأثير المتوقع
تسعى هذه المبادرة التي تقودها واشنطن إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، يُعتقد أنها قد تحسن من الوضع الإنساني بشكل ملموس إذا ما تم تنفيذها بفعالية:
- تعزيز سلامة العاملين في المجال الإنساني: من خلال توفير آلية واضحة لإخطار الجيش الإسرائيلي بتحركاتهم، يُؤمل أن تنخفض حوادث الاستهداف الخاطئ بشكل كبير.
- زيادة تدفق المساعدات: بوجود قناة تنسيق مركزية ومبسطة، يمكن تسريع عملية الموافقة على دخول الشاحنات وتوزيعها، مما يسمح بوصول كميات أكبر من الغذاء والدواء والوقود.
- تسهيل العمليات اللوجستية: يساهم المركز في تنظيم حركة المساعدات القادمة عبر مختلف الطرق، سواء عبر المعابر البرية أو من خلال الممر البحري الذي انطلق من قبرص والرصيف العائم الذي أنشأته الولايات المتحدة.
ردود الفعل والتحديات المستقبلية
رحبت منظمات إنسانية بهذه الخطوة بحذر، معتبرة إياها تطوراً إيجابياً محتملاً، لكنها شددت على أن نجاحها مرهون بالالتزام الكامل من جميع الأطراف، وخاصة الجانب الإسرائيلي. وأشارت بعض المنظمات إلى أن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في تنسيق الدخول، بل في القدرة على التوزيع الآمن داخل غزة في ظل غياب سلطة مدنية فعالة وانهيار النظام العام. ويبقى وقف إطلاق النار الشامل هو المطلب الرئيسي للمجتمع الإنساني كحل جذري يسمح بعملية إغاثية واسعة النطاق ومستدامة لمعالجة الكارثة الإنسانية في القطاع.





