شهدت مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ قراراً بتعطيل الدراسة في عدد من المدارس الواقعة ضمن نطاقها الجغرافي، وذلك تزامناً مع انطلاق الاحتفالات السنوية بمولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي. يأتي هذا الإجراء الاحترازي في إطار جهود السلطات المحلية لضمان سلامة الطلاب ويسر الحركة المرورية، نظراً للاكتظاظ الشديد الذي تشهده المدينة عادةً خلال هذه المناسبة الدينية الكبرى. وقد بدأت فعاليات المولد في الجمعة، 24 أكتوبر 2025، ومن المقرر أن تستمر لمدة سبعة أيام متواصلة حتى الجمعة، 31 أكتوبر 2025، مع توقع ذروة الزحام أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس.

خلفية الاحتفال بمولد سيدي إبراهيم الدسوقي

يمثل مولد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي واحداً من أهم الاحتفالات الدينية والتراثية في مصر، ويجذب مئات الآلاف من الزوار والمريدين سنوياً من مختلف المحافظات ومن خارج مصر. ولد إبراهيم بن عبد العزيز الدسوقي في مدينة دسوق في القرن الثالث عشر الميلادي، وهو يُعد أحد الأقطاب الأربعة الكبار للتصوف في مصر، إلى جانب السيد أحمد البدوي والسيد أحمد الرفاعي والسيد عبد القادر الجيلاني. أسس الطريقة الدسوقية الصوفية، ويقع مسجده وضريحه في قلب مدينة دسوق، ليصبح قبلة للمريدين والباحثين عن البركة والروحانية.

تتجاوز أهمية المولد الجانب الديني لتشمل بعداً ثقافياً واجتماعياً عميقاً. فهو ليس مجرد احتفال ديني، بل هو تجمع كبير يجمع بين الطقوس الصوفية من حلقات الذكر والإنشاد، والفعاليات الشعبية التي تعكس جزءاً أصيلاً من الفولكلور المصري. يشهد المولد تنظيم المواكب، وإقامة الأسواق الموسمية التي تعرض المنتجات المحلية والحرف اليدوية، وتقديم الوجبات الخيرية، مما يخلق حيوية اقتصادية واجتماعية مؤقتة في المدينة.

تستمر الاحتفالات عادةً لعدة أيام، تتخللها ليالٍ صوفية عامرة بالمدائح النبوية وتلاوات القرآن الكريم، وتنتهي بالليلة الكبيرة التي تشهد ذروة الحضور والفعاليات. هذه التجمعات الغفيرة، وإن كانت جزءاً أساسياً من تقاليد المولد، إلا أنها تستدعي اتخاذ تدابير تنظيمية وأمنية مشددة لضمان سلامة الجميع.

تفاصيل قرار تعطيل الدراسة

صدر قرار تعطيل الدراسة في مدارس محددة بدسوق بناءً على توصيات اللجان المسؤولة عن تنظيم الاحتفالات وإدارة الأزمات بالمحافظة. ويستهدف القرار المدارس التي تقع في محيط منطقة المسجد الإبراهيمي والشوارع الرئيسية المؤدية إليه، والتي تشهد كثافة عالية من الحشود والمركبات.

• الهدف الرئيسي: حماية الطلاب من مخاطر الاكتظاظ الشديد، وتسهيل حركة المرور، وتوفير بيئة آمنة للمحتفلين والزوار.
• المدارس المتأثرة: يشمل القرار مجموعة من المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية التي تقع في المناطق الأكثر تأثراً بالزحام.
• مدة التعطيل: يتزامن التعطيل مع أيام الذروة المتوقعة للاحتفالات، وهي عادة ما تكون في الأيام الثلاثة الأخيرة من المولد، تحديداً الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع الذي يوافق انتهاء المولد في 31 أكتوبر 2025.
• التنسيق: تم اتخاذ القرار بعد تنسيق شامل بين مديرية التربية والتعليم بكفر الشيخ، والمجلس المحلي لمدينة دسوق، ومديرية الأمن، ومديرية الأوقاف، لضمان أعلى مستويات السلامة التنظيمية.

هذا الإجراء ليس سابقة، بل هو تدبير روتيني يُتخذ في المدن المصرية التي تستضيف مولداً كبيراً، لاسيما وأن حجم الحشود يتطلب موارد بشرية ومادية كبيرة لتأمينها وتيسير حركتها، مما قد يؤثر على سلاسة العمليات اليومية بما فيها انتظام الدراسة.

التأثير والتداعيات

يترتب على قرار تعطيل الدراسة بعض الآثار قصيرة المدى على العملية التعليمية في المدارس المتأثرة. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تُعتبر ضرورية لضمان سلامة الطلاب في المقام الأول. عادةً ما يتم تعويض هذه الأيام الدراسية لاحقاً أو يتم تكثيف المناهج لضمان عدم تأثر التحصيل الأكاديمي للطلاب بشكل كبير.

أما على الصعيد المجتمعي، فإن الاحتفال بمولد الدسوقي يمثل حدثاً محورياً في دسوق. فبينما يمثل الزحام تحدياً لوجستياً للمقيمين والسلطات، فإنه أيضاً يجلب معه حراكاً اقتصادياً نشطاً للمدينة. تنتعش حركة البيع والشراء، وتزداد الإيرادات للمحلات التجارية والبائعين المتجولين، وتنتشر الضيافة والكرم بين أهالي المدينة وزوارها.

جهود التنظيم والسلامة

لضمان سير الاحتفالات بأمان، تُبذل جهود مكثفة من قبل مختلف الجهات. تقوم الأجهزة الأمنية بتأمين محيط المسجد والساحات الرئيسية، وتوجيه حركة المرور لتفادي الاختناقات. كما يتم تجهيز نقاط إسعاف وعيادات طبية متنقلة للتعامل مع أي حالات طارئة. ويُقدم المجلس المحلي خدمات النظافة والإشراف على الأسواق العشوائية، والتأكد من تطبيق الضوابط المتفق عليها لتجنب الفوضى.

يعكس قرار تعطيل الدراسة في بعض مدارس دسوق خلال مولد سيدي إبراهيم الدسوقي التوازن بين الحفاظ على التقاليد الثقافية والدينية الراسخة، وبين الأولوية القصوى لسلامة وصحة المواطنين، خاصة الأطفال والطلاب، خلال حدث يجمع فيه ملايين الزوار.