اتهامات للدعم السريع بتحويل القتل في الفاشر إلى أداة للتسلية والترهيب
تتصاعد المخاوف الدولية والإنسانية بشأن الأوضاع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث تواجه المدينة حصاراً خانقاً وهجمات متواصلة من قبل قوات الدعم السريع. وفي ظل هذا التصعيد، ظهرت تقارير وشهادات مروعة تتهم عناصر القوات باستخدام العنف المفرط والقنص العشوائي ليس فقط كأداة عسكرية، بل كوسيلة لبث الرعب والتسلية، مما يحول حياة مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين إلى كابوس مستمر.
خلفية الصراع وأهمية الفاشر
منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تحولت دارفور مجدداً إلى بؤرة عنف واسعة النطاق. وتكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية بالغة، فهي آخر معاقل الجيش السوداني الرئيسية في الإقليم الشاسع، كما أنها تُعد ملجأً لأكثر من 1.5 مليون شخص، بينهم مئات الآلاف من النازحين الذين فروا من مناطق أخرى في دارفور بحثاً عن الأمان. سيطرة الدعم السريع على المدينة لن تمثل نصراً عسكرياً كبيراً فحسب، بل ستفتح الباب أمام كارثة إنسانية جديدة وتثير مخاوف من تكرار فظائع الماضي في الإقليم.
منهجية العنف والهجمات العشوائية
تشير التقارير الميدانية الصادرة عن منظمات حقوقية ووكالات إغاثة دولية إلى أن قوات الدعم السريع تتبع نمطاً ممنهجاً من العنف ضد المدنيين في الفاشر. بدأت الهجمات تتكثف بشكل ملحوظ منذ مايو 2024، وتعتمد على تكتيكات متعددة تشمل:
- القصف المدفعي العشوائي: تتعرض الأحياء السكنية المكتظة ومخيمات النازحين والأسواق لقصف عنيف وغير مميز، مما يؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى بين المدنيين.
- هجمات القناصة: أفاد شهود عيان بأن قناصة تابعين للدعم السريع يتمركزون في مواقع مرتفعة ويستهدفون أي شخص يتحرك في المناطق المفتوحة، بما في ذلك النساء والأطفال أثناء محاولتهم جلب الماء أو البحث عن الطعام. هذه الهجمات تحديداً هي التي غذّت الاتهامات بأن القتل تحول إلى ما يشبه "لعبة" لإرهاب السكان.
- استهداف البنية التحتية الحيوية: تعرضت المرافق الطبية، مثل المستشفى الجنوبي الذي يعد المرفق الرئيسي في المدينة، لهجمات متكررة أدت إلى خروجه عن الخدمة، مما فاقم من معاناة الجرحى وحرم السكان من الرعاية الصحية الأساسية.
الأبعاد الإنسانية الكارثية
أدى الحصار والهجمات المستمرة إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل كارثي. يعاني السكان المحاصرون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، مع صعوبة بالغة في وصول المساعدات الإنسانية بسبب انعدام الأمن وإغلاق الطرق. حذرت الأمم المتحدة ومنظمات دولية من أن المدينة على شفا مجاعة، وأن النظام الصحي قد انهار بالكامل تقريباً. الأرقام الأولية تشير إلى مقتل وجرح المئات من المدنيين، لكن يُعتقد أن العدد الفعلي أعلى بكثير نظراً لصعوبة توثيق جميع الحالات في ظل استمرار القتال.
ردود الفعل والتحذيرات الدولية
أثارت الأحداث في الفاشر إدانات واسعة النطاق. حذر مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة من وقوع "مذبحة وشيكة"، ودعوا إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية المدنيين. كما أعربت منظمات حقوقية عن قلقها البالغ من أن الهجمات قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى وجود دوافع عرقية في استهداف بعض المجموعات السكانية. ورغم الدعوات المتكررة، يستمر التصعيد العسكري على الأرض، مما يضع مصير أكثر من مليون شخص على المحك ويُنذر بفصل جديد ومأساوي في تاريخ إقليم دارفور الدامي.





