اختتام مؤتمر النقد السينمائي الدولي الثالث في الرياض بشعار «السينما.. فنّ المكان»
اختتمت فعاليات الدورة الثالثة من مؤتمر النقد السينمائي الدولي في الرياض، يوم الخميس الموافق 9 نوفمبر 2023، بعد ثلاثة أيام حافلة بالنقاشات والجلسات المتعمقة. استضافت هيئة الأفلام السعودية هذا الحدث البارز في قصر الثقافة بحي السفارات، تحت شعار محوري «السينما.. فنّ المكان»، والذي ركز على العلاقة المعقدة بين الفضاءات الجغرافية والمعمارية والسرد السينمائي. وقد جمع المؤتمر نخبة من النقاد والباحثين وصناع الأفلام من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التطورات الراهنة في مجال النقد السينمائي ودوره في تشكيل فهمنا للأعمال الفنية.

خلفية المؤتمر وأهدافه
يمثل مؤتمر النقد السينمائي الدولي مبادرة رئيسية من هيئة الأفلام السعودية، تهدف إلى إثراء المشهد الثقافي والسينمائي في المملكة، ودعم مكانة الرياض كمركز إقليمي للحوار الفني. منذ انطلاقه، يسعى المؤتمر إلى:
- تعزيز ثقافة النقد السينمائي: من خلال توفير منصة لتبادل الخبرات والأفكار بين النقاد المحليين والدوليين.
- مواكبة التطورات العالمية: تسليط الضوء على أحدث المناهج والنظريات في مجال التحليل السينمائي.
- دعم صناعة الأفلام السعودية: بتقديم رؤى نقدية تسهم في تطوير المحتوى المحلي ورفع مستواه.
- مد جسور التواصل: بناء شبكات مهنية بين صناع السينما والنقاد والأكاديميين.
تأتي هذه الدورة في سياق النهضة السينمائية التي تشهدها المملكة، مدعومة برؤية 2030، حيث تتزايد أعداد دور العرض وتتنوع الإنتاجات المحلية، مما يجعل الحاجة إلى نقد سينمائي متعمق ومسؤول أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
المحاور الرئيسية والفعاليات
توزعت أجندة المؤتمر على مدى ثلاثة أيام (من 7 إلى 9 نوفمبر)، وشملت مجموعة واسعة من الجلسات الحوارية وورش العمل المتخصصة، التي ركزت بشكل خاص على الشعار «السينما.. فنّ المكان». تناولت المحاور الرئيسية الجوانب التالية:
- السينما والهوية المكانية: كيف تشكل الأماكن (المدن، الريف، الصحراء) الهوية البصرية والسردية للأفلام، وكيف تعكس السينما التحولات الاجتماعية والثقافية المرتبطة بالمكان.
- النقد السينمائي ومستقبله: مناقشة التحديات التي تواجه النقد في العصر الرقمي، وتأثير المنصات الجديدة وتغير أنماط المشاهدة على طبيعة التحليل السينمائي.
- دراسات الحالة الإقليمية: استعراض تجارب سينمائية من المنطقة العربية، وتحليل كيفية تعاملها مع فكرة المكان وتوظيفها في بناء قصصها.
- ورش عمل متخصصة: قدمت هذه الورش تدريباً عملياً للمشاركين، خاصة الشباب السعوديين، في تقنيات الكتابة النقدية والتحليل السينمائي، بإشراف خبراء دوليين.
شهد المؤتمر مشاركة فاعلة من أكاديميين ونقاد مرموقين من دول مثل الولايات المتحدة، فرنسا، مصر، لبنان، بالإضافة إلى كوكبة من النقاد السعوديين الذين قدموا أوراقاً بحثية وعروضاً قيمة. وقد أثرى هذا التنوع النقاشات، وقدم منظورات متعددة للموضوعات المطروحة.
النتائج والتوصيات
في ختام فعالياته، خرج المؤتمر بعدد من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز دور النقد السينمائي وتطويره على المستويين المحلي والدولي. من أبرز هذه التوصيات:
- ضرورة إنشاء قاعدة بيانات عربية للأفلام والنقد السينمائي لتوثيق الإنتاج النقدي والأفلام المحلية.
- أهمية دعم برامج التعليم والتدريب في مجال النقد السينمائي بالجامعات والمعاهد المتخصصة.
- الحث على إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات التي تربط السينما بقضايا الهوية والمكان والتاريخ.
- تشجيع التعاون بين الجهات الأكاديمية وصناعة السينما لضمان تطبيق الرؤى النقدية في الإنتاج الفني.
- الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لابتكار منصات نقدية تفاعلية تصل إلى جمهور أوسع.
أهمية المؤتمر وتأثيره
يعكس النجاح الذي حققته الدورة الثالثة من مؤتمر النقد السينمائي الدولي الالتزام المتنامي للمملكة بتنمية قطاعها الثقافي والترفيهي. يساهم المؤتمر في عدة جوانب حيوية:
- إثراء الحوار الثقافي: بتوفيره مساحة للنقاش المفتوح حول قضايا السينما المعاصرة.
- دعم المواهب المحلية: من خلال إتاحة الفرصة للنقاد السعوديين للتفاعل مع نظرائهم العالميين واكتساب خبرات جديدة.
- تعزيز مكانة السينما السعودية: بوضعها في سياق نقدي عالمي، مما يساعد على ترويج أعمالها وجذب الاهتمام بها.
- بناء إرث معرفي: بتجميع الأبحاث والأوراق المقدمة في مادة علمية يمكن الرجوع إليها مستقبلاً.
إن استمرار تنظيم هذا المؤتمر يؤكد على رؤية هيئة الأفلام السعودية في بناء صناعة سينمائية مستدامة ومزدهرة، لا تقتصر على الإنتاج والتوزيع فحسب، بل تمتد لتشمل البعد الفكري والنقدي الذي يرفع من قيمة الفن ويسهم في فهمه العميق.





