استبعاد مرشحين بارزين يثير أزمة وحزب مصري يلوّح بمقاطعة الانتخابات
شهدت الساحة السياسية المصرية حالة من التوتر في أواخر سبتمبر 2020، قبيل انطلاق انتخابات مجلس النواب، وذلك عقب إعلان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وهو أحد أحزاب المعارضة، تهديده بمقاطعة العملية الانتخابية برمتها. جاء هذا الموقف الحاد ردًا على قرار الهيئة الوطنية للانتخابات باستبعاد اثنين من أبرز مرشحيه، مما أثار تساؤلات واسعة حول نزاهة الإجراءات ومناخ التنافس السياسي في البلاد.

التفاصيل وراء قرارات الاستبعاد
تركزت الأزمة حول استبعاد مرشحين اثنين كان الحزب يعلّق عليهما آمالًا كبيرة في السباق البرلماني، حيث استندت قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات إلى أسباب مختلفة لكل منهما، وهي أسباب وصفتها قيادات الحزب بأنها "واهية" وذات دوافع سياسية واضحة. تمثلت الحالتان في:
- هيثم الحريري: وهو نائب برلماني سابق معروف بمواقفه المعارضة داخل مجلس النواب المنتهية ولايته. تم استبعاد أوراقه في دائرة محرم بك بالإسكندرية. السبب الرسمي الذي أُعلن كان يتعلق بموقفه من الخدمة العسكرية، حيث أفادت الأوراق الرسمية بأنه "مُعفى نهائيًا" لكونه العائل الوحيد لوالدته بعد وفاة والده. إلا أن اللجنة المشرفة فسرت اللوائح بأن هذا النوع من الإعفاء لا يعد نهائيًا بشكل مطلق، وهو شرط لقبول الترشح، مما أدى إلى رفض أوراقه. وقد اعتبر الحريري وأنصاره هذا التفسير تعسفيًا وغير مسبوق، ويهدف إلى إقصائه من المشهد السياسي.
- محمد عبد الحليم: وهو قيادي آخر في الحزب كان مرشحًا في مدينة المنصورة. جاء قرار استبعاده بناءً على نتائج الكشف الطبي الإلزامي للمرشحين، حيث زعم التقرير الطبي وجود مواد مخدرة في عينته. وقد نفى عبد الحليم والحزب هذا الادعاء بشكل قاطع، مؤكدين أن التقرير ملفق. وطالبوا بإعادة التحليل في جهة طبية محايدة للتأكد من صحة النتائج، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض، مما عمّق من شكوكهم حول استهداف الحزب ومرشحيه.
رد فعل الحزب والتهديد بالمقاطعة
عقب صدور قرارات الاستبعاد، عقد المكتب السياسي لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي اجتماعًا طارئًا لمناقشة الموقف وتداعياته. وفي بيان رسمي، أدان الحزب بشدة ما وصفه بـ "الإقصاء الممنهج" لمرشحيه، معتبرًا أن هذه الإجراءات تقوّض أي فرصة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وتعكس إصرارًا على إغلاق المجال العام أمام الأصوات المعارضة. ولوّح الحزب صراحة بخيار المقاطعة الكاملة للانتخابات كرسالة احتجاج سياسية على ما اعتبره تلاعبًا بالإجراءات القانونية لتصفية الخصوم السياسيين قبل بدء السباق الانتخابي.
خلفية الأحداث وأهميتها
تأتي هذه الواقعة في سياق الاستعداد لانتخابات مجلس النواب المصري لعام 2020، والتي جرت وسط مناخ سياسي يصفه مراقبون بأنه شهد تقليصًا كبيرًا لمساحات العمل السياسي والحزبي المعارض. ويكمن جانب كبير من أهمية الخبر في شخصية هيثم الحريري، الذي كان يمثل أحد الأصوات القليلة المنتقدة لسياسات الحكومة من داخل البرلمان السابق، مما جعل استبعاده يُقرأ على نطاق واسع بأنه محاولة لمنع وصول أي صوت معارض إلى المجلس الجديد. وبالتالي، لم تكن الأزمة مجرد خلاف إجرائي، بل عكست مخاوف أعمق لدى قوى المعارضة بشأن حيادية مؤسسات الدولة المشرفة على الانتخابات وقدرتها على ضمان تكافؤ الفرص لجميع المرشحين.
التطورات اللاحقة
على الرغم من التهديد القوي بالمقاطعة، وبعد مداولات داخلية، قرر الحزب في نهاية المطاف الاستمرار في الانتخابات ببقية مرشحيه المعتمدين، مع التأكيد على مواصلة المسار القانوني للطعن على قرارات الاستبعاد. إلا أن المحكمة الإدارية العليا رفضت لاحقًا الطعون المقدمة من كل من هيثم الحريري ومحمد عبد الحليم، مما ثبّت قرار استبعادهما بشكل نهائي من خوض الانتخابات. وأكد هذا المسار النهائي للأحداث الانطباع السائد لدى قطاعات من المعارضة بأن الأدوات القانونية والإجرائية قد استُخدمت لتحقيق أهداف سياسية.





