إسرائيل تتسلم رفات رهينة من غزة بوساطة الصليب الأحمر
أعلنت إسرائيل، مساء الأربعاء، تسلمها لرفات أحد الرهائن الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة، وذلك عبر وساطة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر. ويأتي هذا التطور ضمن الجهود المستمرة الرامية إلى استعادة جميع الأفراد الذين اختطفوا خلال هجوم السابع من أكتوبر، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، وتقديم معلومات واضحة لذويهم حول مصيرهم.

خلفية أزمة الرهائن
تعود أزمة الرهائن إلى الهجوم الواسع النطاق الذي شنته حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في السابع من أكتوبر عام 2023. أسفر الهجوم عن مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل، غالبيتهم من المدنيين، واحتجاز ما يقرب من 240 شخصاً كرهائن واقتيادهم إلى قطاع غزة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت قضية الرهائن إحدى أبرز وأكثر القضايا إلحاحاً وحساسية على الساحة الإسرائيلية والدولية.
تنوعت مصائر الرهائن المحتجزين؛ فبينما أُطلق سراح عدد منهم في إطار صفقة تبادل جزئية خلال هدنة استمرت أسبوعاً في نوفمبر الماضي، والتي شملت إطلاق سراح أسيرات وأطفال فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، أكدت إسرائيل مقتل عدد آخر من الرهائن إما في هجوم السابع من أكتوبر نفسه أو نتيجة للعمليات العسكرية المستمرة في القطاع. ولا يزال مصير العشرات منهم مجهولاً، مما يثير قلقاً عميقاً لدى عائلاتهم والمجتمع الدولي.
تفاصيل عملية التسلم
جاء إعلان تسلم الرفات من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مشيراً إلى أن العملية تمت بفضل التنسيق والوساطة الإنسانية التي قدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر. تلعب اللجنة دوراً حيوياً كطرف محايد في النزاعات، وتعمل على تسهيل التواصل وتبادل المعلومات، وتقديم المساعدة الإنسانية، والتأكد من احترام القانون الإنساني الدولي. وقد تم نقل الرفات من قطاع غزة إلى إسرائيل، دون الكشف عن هوية الرهينة المتوفى في الإعلان الأولي، وذلك بهدف إتاحة الفرصة لإجراء الفحوصات اللازمة وتأكيد الهوية قبل إبلاغ عائلته.
تعتبر مثل هذه العمليات شديدة الحساسية وتتطلب تنسيقاً دقيقاً بين جميع الأطراف المعنية، مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية. ويقدم تسلم الرفات، على الرغم من قسوته، نوعاً من الإغلاق والراحة لعائلة الرهينة، حيث يمكنهم الآن إقامة مراسم الدفن وتوديع فقيدهم بشكل لائق.
الدور الإنساني للصليب الأحمر
تؤكد هذه الواقعة مجدداً على الدور المحوري الذي تلعبه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأزمات الإنسانية. تتمثل مهمة اللجنة في حماية أرواح وكرامة ضحايا النزاعات المسلحة والعنف، وتقديم المساعدة لهم. في سياق أزمة الرهائن في غزة، شمل دورها جهوداً متكررة لتيسير الوصول إلى الرهائن، وتقديم الرعاية الطبية، ونقل الرسائل بين الرهائن وعائلاتهم، والمشاركة في عمليات الإفراج أو تسليم الرفات عندما تكون الظروف مواتية لذلك. وتؤكد اللجنة دائماً على ضرورة احترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي، والذي يوجب معاملة الأسرى والمدنيين بإنسانية.
تداعيات الوضع الحالي والجهود المستقبلية
تأتي عملية تسلم الرفات في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية والإقليمية للتوصل إلى هدنة شاملة وصفقة تبادل رهائن جديدة. فالمفاوضات، التي تشارك فيها دول مثل قطر ومصر والولايات المتحدة، تواجه تحديات كبيرة بسبب تباين المطالب بين إسرائيل وحماس. فبينما تسعى إسرائيل إلى استعادة جميع الرهائن المتبقين، تطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة وإطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين.
يبرز هذا الحدث الألم الإنساني المستمر الذي يفرضه الصراع. فكل عملية استعادة لرفات، أو الإعلان عن وفاة رهينة، يعيد تسليط الضوء على معاناة العائلات التي تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير أحبائها. وتظل التحديات كبيرة أمام إيجاد حل شامل لأزمة الرهائن والتوصل إلى تسوية توقف النزاع وتحد من الخسائر البشرية في قطاع غزة.
تعهدت الحكومة الإسرائيلية مراراً ببذل قصارى جهدها لإعادة جميع الرهائن إلى وطنهم، في حين تتزايد المطالبات من أهالي الرهائن ومنظمات حقوق الإنسان بضرورة إعطاء الأولوية للجهود الدبلوماسية والإنسانية.





