في إطار اتفاق التهدئة: إسرائيل تسلم جثامين 15 فلسطينياً والبحث يتواصل عن رفات الرهائن بغزة
في خطوة إنسانية تندرج ضمن بنود اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت الذي تم التوصل إليه في أواخر نوفمبر 2023، قامت السلطات الإسرائيلية بتسليم جثامين 15 فلسطينياً كانوا قد قُتلوا في أوقات سابقة في قطاع غزة. وقد تم تسلم الجثامين في مدينة خان يونس جنوب القطاع، في الوقت الذي تواصل فيه القوات الإسرائيلية عملياتها للبحث عن رفات الرهائن الإسرائيليين الذين يُعتقد أنهم لقوا حتفهم في غزة.

تفاصيل عملية التسليم
وصلت الجثامين إلى مجمع ناصر الطبي في خان يونس عبر معبر كرم أبو سالم، حيث جرت عملية النقل والتنسيق بوساطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي لعبت دوراً محورياً في تسهيل الإجراءات اللوجستية والإنسانية بين الطرفين. وفور وصولها، باشرت الفرق الطبية الفلسطينية إجراءات فحص الجثامين للتعرف على هويات أصحابها وإبلاغ عائلاتهم تمهيداً لدفنهم وفقاً للتقاليد الدينية والثقافية، وهو ما يمثل بارقة أمل لهذه العائلات لإنهاء حالة من عدم اليقين المؤلمة.
السياق ضمن اتفاق وقف إطلاق النار
جاء تسليم هذه الجثامين كجزء من التفاهمات الأوسع لاتفاق التهدئة الإنسانية الذي تم بوساطة قطرية ومصرية وبدعم أمريكي. ركز الاتفاق بشكل أساسي على تبادل عشرات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، تضمن الاتفاق بنوداً أخرى تشمل:
- وقفاً شاملاً لإطلاق النار في جميع أنحاء قطاع غزة لمدة أيام قابلة للتمديد.
- السماح بدخول كميات أكبر من المساعدات الإنسانية والوقود والإمدادات الطبية إلى القطاع.
- تسهيل الإجراءات الإنسانية الأخرى، ومن ضمنها تسليم رفات المتوفين من كلا الجانبين.
هذه الخطوة، على الرغم من كونها ثانوية مقارنة بتبادل الأسرى الأحياء، إلا أنها شكلت عنصراً مهماً في بناء الثقة وتلبية المطالب الإنسانية العاجلة للطرفين.
استمرار البحث عن رفات الرهائن الإسرائيليين
في موازاة ذلك، لم تتوقف الجهود الإسرائيلية في البحث عن الرهائن الذين ما زالوا في عداد المفقودين داخل قطاع غزة. استغلت القوات الإسرائيلية فترة التهدئة لتكثيف عمليات البحث والتمشيط الاستخباراتية في مناطق محددة، بناءً على معلومات حول أماكن محتملة لاحتجاز الرهائن أو دفنهم. وتعتبر قضية استعادة جثامين الجنود والمدنيين الإسرائيليين أولوية قصوى للحكومة الإسرائيلية، وتمثل ضغطاً سياسياً وشعبياً كبيراً عليها، حيث تطالب عائلات الرهائن باستمرار بالكشف عن مصير أبنائهم وإعادتهم لدفنهم في إسرائيل.
خلفية سياسة احتجاز الجثامين
تتبع إسرائيل منذ عقود سياسة احتجاز جثامين الفلسطينيين الذين يُقتلون خلال هجمات أو مواجهات عسكرية، وتصنفهم ضمن ما يُعرف بـ "مقابر الأرقام". تبرر السلطات الإسرائيلية هذه السياسة بأنها ورقة ضغط يمكن استخدامها في مفاوضات مستقبلية لتبادل الأسرى أو استعادة رفات جنود إسرائيليين. في المقابل، تنتقد منظمات حقوقية دولية وفلسطينية هذه الممارسة بشدة، معتبرة إياها انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وعقوبة جماعية لأسر المتوفين، لما تسببه من معاناة نفسية عميقة بحرمانهم من حق دفن أقاربهم بطريقة لائقة.
يمثل تسليم هذه الجثامين استثناءً لهذه السياسة، مرتبطاً بظروف اتفاق محدد، ويعكس الطبيعة المعقدة للمفاوضات التي تشمل جوانب إنسانية وسياسية وعسكرية متشابكة، حيث يتداخل ألم الفقد مع حسابات القوة والمصالح الاستراتيجية لكل طرف.





