الزمالك يرد على الجدل بشأن مدربه الجديد وعمله السابق في إسرائيل
شهدت الأوساط الرياضية المصرية، وتحديدًا نادي الزمالك، جدلاً واسعًا في أوائل عام 2024 بشأن ترشيح المدرب البرتغالي روي أغواس لتولي منصب مهم ضمن الجهاز الفني للفريق. أُثيرت ضجة إعلامية وجماهيرية كبيرة بعد الكشف عن سابقة عمل أغواس كمساعد مدرب في نادٍ إسرائيلي، مما أثار استياء شريحة واسعة من الجماهير المصرية والمراقبين الرياضيين، ودفع إدارة النادي للدفاع عن موقفها.

خلفية الجدل: المدرب البرتغالي والعمل في إسرائيل
يُعد المدرب البرتغالي روي أغواس اسمًا معروفًا في الأوساط الكروية، وقد ارتبط اسمه بنادي الزمالك في إطار مساعي النادي لتعزيز جهازه الفني. لكن ما لفت الأنظار وأشعل فتيل الأزمة هو الكشف عن عمله سابقًا كمساعد مدرب في نادي مكابي تل أبيب الإسرائيلي خلال موسم 2018-2019. في السياق المصري والعربي، تُعتبر مسألة التعاون أو التعامل مع الكيانات الرياضية الإسرائيلية شديدة الحساسية، نظرًا للخلفية السياسية والتاريخية للصراع العربي-الإسرائيلي. على الرغم من وجود معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، إلا أن الرأي العام المصري، وفي الأغلب الأعم، يرفض أي شكل من أشكال التطبيع أو التعاون الرياضي الذي قد يُنظر إليه على أنه شرعنة للوجود الإسرائيلي أو تجاهل للقضية الفلسطينية.
شرارة الأزمة: غضب الجماهير ووسائل الإعلام
بمجرد انتشار الأنباء التي ربطت اسم أغواس بالزمالك وتداول معلومات حول تاريخه التدريبي، وخاصة فترة عمله في إسرائيل، اشتعلت موجة عارمة من الغضب عبر منصات التواصل الاجتماعي وبين جماهير النادي. اعتبرت هذه الشريحة الواسعة من الجماهير أن قبول مدرب يمتلك خلفية كهذه يمثل تجاوزًا للخطوط الحمراء الوطنية وتجاهلاً صارخًا لمشاعرهم. طالبت الجماهير إدارة النادي، وبشدة، بالتراجع الفوري عن أي نية للتعاقد مع المدرب، وعبّرت عن رفضها القاطع لهذه الخطوة من خلال حملات إلكترونية مكثفة استخدمت فيها وسومًا تعبر عن استنكارها.
رد الزمالك: "وكأننا ارتكبنا جريمة"
في خضم هذا الجدل المحتدم، خرجت تصريحات من بعض أعضاء مجلس إدارة نادي الزمالك ومسؤولين مقربين من النادي، محاولين تبرير موقف الإدارة والتقليل من حجم الانتقادات الموجهة. جاءت هذه التصريحات بمثابة رد دفاعي عن قرار النادي، حيث أكد بعض المسؤولين على أن المعيار الأساسي في اختيار الجهاز الفني يجب أن يرتكز على الكفاءة الفنية والخبرة العملية للمدرب، بغض النظر عن جنسيته أو أماكن عمله السابقة، طالما أنها لا تتعارض مع القوانين المصرية. وصلت حدة هذه التصريحات إلى مستوى عالٍ، حيث تضمنت عبارات مثل "وكأننا ارتكبنا جريمة"، في إشارة إلى استنكار النادي للغضب الجماهيري الواسع، مؤكدين أن النادي يسعى دائمًا لتحقيق المصلحة الرياضية البحتة للفريق ويسعى لاستقطاب أفضل الكفاءات العالمية المتاحة.
تداعيات الأزمة والانسحاب
لم يقتصر رد الفعل على الجماهير فحسب، بل امتد ليشمل شخصيات رياضية وإعلامية بارزة، وخبراء في كرة القدم. أعرب العديد من هؤلاء عن تفهمهم لمخاوف الجماهير، وحذروا من تبعات تجاهل الرأي العام في قضايا بهذه الحساسية. رأى البعض أن النادي كان يجب أن يتوقع ردود الفعل السلبية ويتجنب طرح اسم المدرب من الأساس، بينما أكد آخرون على ضرورة احترام توجهات الجماهير التي تُعد ركيزة أساسية لأي نادٍ جماهيري بحجم الزمالك. وفي نهاية المطاف، وتحت ضغط الرأي العام والجماهير الغاضبة، يبدو أن إدارة نادي الزمالك قد تراجعت عن فكرة التعاقد مع روي أغواس. لم يصدر إعلان رسمي مباشر بإلغاء التعاقد بسبب هذه الأزمة تحديدًا، ولكن اسمه اختفى من قائمة المرشحين النهائية، وتم البحث عن بدائل أخرى لتولي المنصب. هذا التراجع، وإن لم يكن صريحًا، يعكس قوة تأثير الشارع الرياضي المصري والرأي العام في تحديد مسارات الأندية الكبرى، خاصة في المسائل التي تمس الحساسيات الوطنية والقومية.
لماذا يهم هذا الخبر؟
تُبرز هذه الحادثة الأبعاد المعقدة للعلاقة بين الرياضة والسياسة في مصر والمنطقة ككل. فبينما تسعى الأندية الكبرى أحيانًا لتوظيف الكفاءات الدولية بغض النظر عن جنسيتها أو تاريخها المهني، تظل هناك خطوط حمراء يفرضها السياق السياسي والاجتماعي. تُعد أزمة ترشيح "أغواس" تذكيرًا بأن الأندية الجماهيرية في مصر لا تعمل بمعزل عن نبض الشارع، وأن قراراتها قد تخضع لتدقيق جماهيري مكثف، خصوصًا في القضايا ذات الحساسية الوطنية أو القومية. كما تسلط الضوء على أهمية دراسة الخلفيات الكاملة للمرشحين للمناصب الحساسة في الأندية، ليس فقط من الناحية الفنية، بل من الناحية الاجتماعية والسياسية أيضًا، لتجنب أزمات محتملة قد تضر بسمعة النادي وعلاقته بجمهوره.





