الأزهر يحتفي برائد الفن الإسلامي محمد عبدالعزيز مرزوق في يومه العالمي
احتفل الأزهر الشريف مؤخرًا، في مناسبة أحد الأيام العالمية المخصصة للثقافة والتراث، بتكريم الأستاذ الدكتور محمد عبدالعزيز مرزوق، الذي يُعد أحد أبرز رواد الفن الإسلامي البارزين، تقديرًا لمسيرته العلمية والفنية الحافلة وإسهاماته الجليلة في إثراء المكتبة العربية والعالمية بدراسات عميقة ومتخصصة في مجال الفن الإسلامي. يأتي هذا التكريم ليسلط الضوء على جهود شخصية فذة كرست حياتها للحفاظ على الهوية البصرية للحضارة الإسلامية وتقديمها للعالم.

من هو محمد عبدالعزيز مرزوق؟
يُعتبر محمد عبدالعزيز مرزوق (1914-1991) عَلَمًا من أعلام البحث الأكاديمي والتاريخ الفني في العالم العربي والإسلامي. تخرج من جامعة القاهرة وعمل بها أستاذًا، كما شغل مناصب مرموقة في العديد من المؤسسات الثقافية والعلمية، بما في ذلك المتحف المصري ومتحف الفن الإسلامي بالقاهرة. كرس الدكتور مرزوق حياته لدراسة وتحليل الفنون الإسلامية، مع التركيز بشكل خاص على المنسوجات والسجاد والتحف الفنية، مما جعله مرجعًا عالميًا في هذه المجالات. تميزت أعماله بالدقة المنهجية والعمق التحليلي، وسعى من خلالها إلى إبراز الجوانب الجمالية والروحية التي تميز الفن الإسلامي عن غيره من الفنون العالمية.
أهمية مساهماته في الفن الإسلامي
تتمثل أهمية إسهامات الدكتور محمد عبدالعزيز مرزوق في كونه لم يكن مجرد مؤرخ للفن، بل كان رائدًا أسس لمنهجية علمية في دراسة الفن الإسلامي. لقد عمل على:
- تصنيف وتوثيق الفنون الإسلامية: قام بجهود كبيرة في فهرسة وتصنيف القطع الفنية، مما سهل دراستها والتعرف على تطوراتها عبر العصور.
- إبراز الهوية المستقلة للفن الإسلامي: أكد مرزوق أن الفن الإسلامي ليس مجرد تقليد أو امتداد لفنون أخرى، بل هو فن ذو خصائص وقيم جمالية وفلسفية مستقلة مستمدة من الروح الإسلامية.
- الكتابة الأكاديمية المتخصصة: ترك إرثًا ضخمًا من المؤلفات والبحوث التي أصبحت مراجع أساسية للباحثين والطلاب في مجال الفن الإسلامي، مثل كتابيه الشهيرين "المنسوجات الإسلامية" و "السجاد الإسلامي".
- الربط بين الفن والدين والثقافة: أوضح كيف تعكس الفنون الإسلامية القيم الدينية والثقافية للمجتمعات التي أنتجتها، وكيف تساهم في تشكيل الهوية الحضارية.
دور الأزهر في تكريم رواد الثقافة الإسلامية
يأتي تكريم الأزهر الشريف للدكتور محمد عبدالعزيز مرزوق ضمن سعيه المستمر للحفاظ على التراث الإسلامي وتكريم رموزه. فالأزهر، بصفته منارة الإسلام الوسطي ومركزًا عالميًا للعلوم الشرعية والعربية، يولي اهتمامًا كبيرًا لكل من ساهم في إثراء الحضارة الإسلامية في مختلف جوانبها، بما في ذلك الفنون والآداب. هذا التكريم يؤكد على أن الفن الإسلامي ليس مجرد زينة، بل هو جزء أصيل من النسيج الثقافي والديني، ويستحق البحث والتقدير والحماية.
دلالة التكريم في اليوم العالمي
إن اختيار الأزهر لتكريم الدكتور محمد عبدالعزيز مرزوق في "يومه العالمي" (مؤكدًا على الأرجح اليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر أو يوم التراث الثقافي) يحمل دلالات عميقة. فهو يربط بين الفن الإسلامي واللغة العربية، التي تُعد الوعاء الأساسي للثقافة الإسلامية، ويؤكد على أن الحضارة الإسلامية شاملة ومتكاملة. كما يرسل رسالة للعالم بأهمية تقدير التراث الثقافي غير المادي والمادي، ويسلط الضوء على الشخصيات التي كرست جهودها للحفاظ على هذا الإرث الثمين وتوريثه للأجيال القادمة.
الإرث المستمر والتأثير
لا يزال إرث الدكتور محمد عبدالعزيز مرزوق حيًا ومؤثرًا في الأوساط الأكاديمية والثقافية. تستمر دراساته وأبحاثه في تشكيل فهمنا للفن الإسلامي وتلقي بظلالها على المناهج الدراسية والأبحاث المعاصرة. لقد فتحت أعماله آفاقًا جديدة للباحثين وشجعت على المزيد من التنقيب في كنوز الفن الإسلامي، مما يضمن استمرارية البحث والتقدير لهذا الجانب الحيوي من الحضارة الإنسانية. ويؤكد تكريم الأزهر له على أن جهوده لم تذهب سدى، بل أثمرت فهمًا أعمق وتقديرًا أكبر للفن الذي يعكس جوهر الحضارة الإسلامية.




