البحر الأحمر وITI يبحثان سبل تطوير التدريب التكنولوجي المتخصص للشباب بالغردقة
في اجتماع مهم عُقد مؤخرًا في محافظة البحر الأحمر، ناقش كمال سليمان، سكرتير عام المحافظة، مع وفد رفيع المستوى من معهد تكنولوجيا المعلومات (ITI)، آليات دعم وتنفيذ برامج تدريبية متخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات داخل المحافظة. يأتي هذا اللقاء في إطار التوجيهات الصادرة عن اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، التي تشدد على ضرورة النهوض بمراكز التدريب المتخصصة في علوم الحاسب الآلي، وتوفير المنح التدريبية اللازمة، بهدف رفع مستوى الوعي التكنولوجي وتعزيز قدرات الشباب في المحافظة، والاستثمار في العقول الشابة وتزويدها بالمهارات الرقمية لمواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة.

خلفية اللقاء وأهدافه
تتزايد أهمية قطاع تكنولوجيا المعلومات على الصعيدين العالمي والمحلي، حيث بات يُشكل ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا السياق، تسعى محافظة البحر الأحمر، ذات الإمكانيات الواعدة في مجالات السياحة والاستثمار، إلى تنويع اقتصادها وتأهيل كوادرها الشابة للدخول بقوة في العصر الرقمي. إن رؤية المحافظ، اللواء عمرو حنفي، تركز على بناء جيل قادر على الابتكار والتكيف مع التحديات التكنولوجية، وهو ما يتطلب استراتيجية واضحة لدعم التعليم والتدريب التقني. وتعتبر هذه البرامج التدريبية المخصصة في تكنولوجيا المعلومات حجر الزاوية لتحقيق هذا الهدف، من خلال تزويد الشباب بالمعرفة والمهارات اللازمة في مجالات مثل البرمجة، الأمن السيبراني، تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي. يُعد معهد تكنولوجيا المعلومات (ITI) أحد أبرز الكيانات المتخصصة في مصر التي تقدم تدريبًا عالي الجودة في مجالات تكنولوجيا المعلومات. ويمثل التعاون مع المعهد فرصة ذهبية للمحافظة للاستفادة من خبراته الممتدة ومنهجياته المتقدمة في تصميم وتنفيذ البرامج التدريبية التي تلبي الاحتياجات الفعلية لسوق العمل المحلي والإقليمي، لضمان مخرجات تعليمية وتدريبية ذات كفاءة عالية.
تفاصيل المباحثات والمحاور الرئيسية
شملت المباحثات بين سكرتير عام المحافظة ووفد ITI عدة محاور رئيسية تهدف إلى وضع إطار عمل شامل لتنفيذ البرامج التدريبية. من أهم هذه المحاور كان تحديد أنواع الدورات التدريبية التي سيتم تقديمها، مع التركيز على التخصصات ذات الطلب المرتفع والمتزايد في سوق العمل الرقمي، بالإضافة إلى كيفية تصميم هذه البرامج لتكون عملية وتطبيقية وتتماشى مع أحدث التطورات العالمية في القطاع التكنولوجي. تم التركيز أيضًا على سبل الوصول إلى أكبر شريحة من الشباب في الغردقة ومختلف مدن المحافظة، لضمان استفادة الجميع من هذه الفرص التدريبية القيمة. وقد تضمن ذلك مناقشة آليات التسجيل، وشروط القبول، وكيفية توفير الدعم اللازم للمشاركين لضمان نجاحهم في الدورات وتخطي أية عوائق قد تواجههم. ناقش الجانبان المتطلبات اللوجستية والبنية التحتية اللازمة لتشغيل هذه البرامج، بما في ذلك توفير القاعات المجهزة، المعامل الحديثة، والموارد البشرية المؤهلة من مدربين ومتخصصين. كما تم التطرق إلى مصادر التمويل المحتملة وآليات الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص لدعم استدامة هذه المبادرات على المدى الطويل. أحد الجوانب الهامة التي جرى بحثها هو الاعتراف بالشهادات الممنوحة وكيفية ربط خريجي هذه البرامج بفرص عمل حقيقية، سواء داخل المحافظة أو خارجها. ويهدف ذلك إلى ضمان أن التدريب لا يقتصر على اكتساب المهارات فحسب، بل يمتد ليشمل تمكين الشباب من الحصول على وظائف لائقة والمساهمة في التنمية الاقتصادية الشاملة.
الأهمية الاستراتيجية لتطوير المهارات التكنولوجية
تأتي هذه المبادرة في وقت حرج حيث تسعى مصر بجدية نحو التحول الرقمي الشامل، وهو ما يتطلب جيلاً من الشباب المسلح بالمهارات التكنولوجية المتقدمة. بالنسبة لمحافظة البحر الأحمر، فإن تطوير هذه المهارات سيسهم بشكل مباشر في تنويع مصادر الدخل، بعيدًا عن الاعتماد الكلي على السياحة، ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار في قطاعات مثل التعهيد (Outsourcing) والخدمات الرقمية. علاوة على ذلك، يمثل الاستثمار في التدريب التكنولوجي فرصة غير مسبوقة لتمكين الشباب، وتزويدهم بالأدوات اللازمة للمنافسة في سوق عمل عالمي يتطور باستمرار. فالمهارات الرقمية لم تعد رفاهية بل ضرورة ملحة، وهي مفتاح للابتكار وريادة الأعمال. تتسق هذه الجهود مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة، التي تؤكد على أهمية بناء مجتمع معرفي واقتصاد رقمي. ومن خلال تمكين الشباب في الغردقة من هذه المهارات، تساهم المحافظة بفاعلية في تحقيق هذه الأهداف الوطنية، وتجعل من نفسها نموذجًا يحتذى به في تطوير الكوادر البشرية القادرة على دفع عجلة التنمية في شتى المجالات.
الخطوات المستقبلية والتوقعات
من المتوقع أن يتبع هذا اللقاء سلسلة من الاجتماعات التنسيقية بين ممثلي المحافظة وخبراء ITI لوضع خطط عمل تفصيلية ومواعيد زمنية محددة للتنفيذ. وقد يشمل ذلك تشكيل لجان فرعية لتحديد المناهج التعليمية، واختيار المدربين المؤهلين، وتجهيز المرافق التدريبية بأحدث التقنيات. كما سيتم العمل على إطلاق حملات توعية مكثفة للتعريف بهذه البرامج وحث الشباب على الانخراط فيها والاستفادة القصوى منها. يتوقع أن يكون لهذه البرامج التدريبية أثر إيجابي كبير على المجتمع المحلي في الغردقة ومحافظة البحر الأحمر ككل. ليس فقط من حيث توفير فرص عمل جديدة ومحسنة للشباب، بل أيضًا من خلال خلق بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال التكنولوجية. ومع مرور الوقت، يمكن أن تتحول الغردقة إلى مركز إقليمي لتطوير المواهب الرقمية، مما يعزز مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمار والعيش الكريم. الهدف الأسمى هو بناء منظومة متكاملة لدعم وتنمية المهارات التكنولوجية، تضمن استمرارية توفير البرامج التدريبية المحدثة، وتواكب أحدث التطورات العالمية في قطاع تكنولوجيا المعلومات، بما يضمن مستقبلًا واعدًا لشباب المحافظة ومساهمتهم الفاعلة في مسيرة التنمية الشاملة للبلاد.





