الرئيس السوري يزور واشنطن لبحث الانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة
في خطوة قد تمثل تحولًا جذريًا في العلاقات السورية الأمريكية، أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توم برّاك، أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيتوجه في زيارة رسمية إلى واشنطن. ومن المقرر أن يعقد الرئيس الشرع اجتماعًا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. ووفقًا للإعلان، ستركز المباحثات بشكل أساسي على إمكانية انضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهو ما قد يعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط.

خلفية التطورات السياسية
تأتي هذه الزيارة في أعقاب التغيرات السياسية الكبيرة التي شهدتها سوريا مؤخرًا، حيث تسعى الحكومة الانتقالية الجديدة إلى الحصول على اعتراف دولي وبناء علاقات جديدة لإنهاء سنوات من العزلة. وعلى مدى العقد الماضي، كانت العلاقات بين واشنطن ودمشق متوترة للغاية، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على النظام السابق. ويمثل هذا اللقاء المرتقب أول حوار مباشر على هذا المستوى منذ سنوات طويلة، مما يشير إلى استعداد الإدارة الأمريكية لفتح صفحة جديدة مع القيادة السورية الحالية.
على الصعيد الميداني، لا يزال خطر فلول تنظيم الدولة قائمًا في مناطق واسعة من البادية السورية، مما يشكل تهديدًا أمنيًا مستمرًا لكل من سوريا ودول الجوار. وقد شكّل هذا التهديد المشترك أساسًا لبدء محادثات تمهيدية بين مسؤولين من البلدين خلال الأسابيع الماضية، والتي توجت بالترتيب لهذه الزيارة الرئاسية.
أجندة اللقاء المرتقب في البيت الأبيض
من المتوقع أن تتناول أجندة الاجتماع بين الرئيسين الشرع وترامب ملفات معقدة وحساسة. يتصدر هذه الملفات تحديد آليات التعاون الأمني والعسكري المحتمل في إطار التحالف الدولي. قد تشمل المناقشات تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الجهود لملاحقة الخلايا النائمة للتنظيم، وتأمين الحدود السورية لمنع تسلل المسلحين.
في المقابل، يُعتقد أن الجانب السوري سيطرح مجموعة من المطالب الأساسية كشرط للانضمام الفعلي والتعاون الكامل. من أبرز هذه المطالب بدء عملية رفع العقوبات الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على البلاد، والحصول على دعم دولي لجهود إعادة الإعمار، بالإضافة إلى الاعتراف الدبلوماسي الكامل بالحكومة السورية الجديدة كشريك شرعي في المجتمع الدولي.
الأهمية الاستراتيجية للتقارب السوري الأمريكي
يحمل هذا التقارب المحتمل أهمية استراتيجية كبيرة لكلا الطرفين. فبالنسبة لسوريا، يمثل الانضمام إلى التحالف الدولي فرصة تاريخية لكسر العزلة السياسية والاقتصادية، والحصول على الشرعية الدولية التي تحتاجها لتحقيق الاستقرار والانطلاق في مرحلة التعافي. كما أنه سيعزز موقفها كفاعل أساسي في جهود مكافحة الإرهاب على الساحة العالمية.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن وجود شريك مستقر على الأرض في سوريا يمكن أن يوفر بديلاً استراتيجيًا للسياسات السابقة، ويضمن وجود آلية أكثر فعالية لاحتواء خطر تنظيم الدولة على المدى الطويل. كما أن هذا التحالف قد يساهم في الحد من نفوذ قوى إقليمية أخرى كانت فاعلة في الساحة السورية، مما يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة.
ردود الفعل والتحديات المحتملة
من المتوقع أن تثير هذه الزيارة ردود فعل متباينة على الصعيدين الإقليمي والدولي. فالقوى التي دعمت النظام السوري السابق، مثل روسيا وإيران، ستراقب هذا التطور عن كثب، حيث قد يؤدي إلى تغيير في موازين القوى الإقليمية. في المقابل، قد ترحب بعض الدول العربية بهذا التقارب باعتباره خطوة نحو إعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي.
وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية المحيطة بالزيارة، لا تزال هناك تحديات كبيرة. فبناء الثقة بين البلدين يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين لتجاوز إرث سنوات من العداء. كما أن أي اتفاق سيواجه على الأرجح تدقيقًا من قبل أطراف داخلية في كلا البلدين. ومع ذلك، يظل اجتماع 10 نوفمبر لحظة حاسمة قد تحدد مسار مستقبل سوريا والمنطقة بأسرها.




