السعي خلف "الترند": كشف دوافع وتفاصيل التخطيط لجريمة هزت الإسماعيلية
في الأول من نوفمبر 2021، شهدت مدينة الإسماعيلية في مصر جريمة مروعة هزت الرأي العام، حيث أقدم شخص، تم الكشف عن هويته لاحقًا بأنه عبد الرحمن نظمي، على مهاجمة وقتل رجل آخر يدعى أحمد محمد صادق في أحد الشوارع المزدحمة، وقام بفصل رأسه عن جسده باستخدام سلاح أبيض كبير. كشفت التحقيقات فيما بعد عن دافع صادم وراء هذه الجريمة، حيث تبين أن الفعل كان مخططًا له ليتم تصويره ونشره على الإنترنت بهدف تصدر "الترند" على منصات التواصل الاجتماعي.

خلفية الحادث وتفاصيله
وقعت الجريمة في وضح النهار بشارع الثورة، أحد أكثر الشوارع حيوية في الإسماعيلية. قام الجاني، الذي كان مسلحًا بسلاح أبيض (ساطور)، بمطاردة الضحية والإجهاز عليه ثم فصل رأسه عن جسده أمام أعين المارة. بعد ارتكاب جريمته، سار الجاني في الشارع وهو يحمل الرأس، في مشهد تم تسجيله عبر هواتف بعض المواطنين وانتشر بسرعة على وسائل التواصل، مما أثار حالة من الصدمة والغضب في جميع أنحاء البلاد. تمكن الأهالي في النهاية من السيطرة عليه وتسليمه إلى قوات الشرطة التي وصلت إلى مكان الحادث.
السعي نحو الشهرة: دافع "الترند"
بينما أشارت التقارير الأولية إلى دوافع مختلفة مثل الانتقام أو عدم الاستقرار العقلي، إلا أن التحقيقات واعترافات المتهمين كشفت عن جانب أكثر ترويعًا. أوضحت تحقيقات النيابة العامة أن الجاني، بالاشتراك مع شخصين آخرين، خطط لارتكاب الجريمة بنية مسبقة لتحقيق الشهرة. كانت الخطة تتمثل في تنفيذ عمل عنيف وصادم، وتصويره، ثم بثه عبر منصات التواصل الاجتماعي على أمل أن يحقق انتشارًا فيروسيًا ويصبح "ترند".
اعترف المتهمان الآخران، اللذان وُجهت إليهما تهم لاحقًا، بعلمهما بنوايا الجاني، حيث كُلّف أحدهما بتصوير الواقعة. هذا الدافع غيّر من نظرة المجتمع للجريمة، محولًا إياها من مجرد عمل عنف عشوائي إلى جريمة قتل مع سبق الإصرار، تم تدبيرها بدم بارد من أجل الشهرة الرقمية، وهو ما يسلط الضوء على ظاهرة اجتماعية خطيرة.
الإجراءات القانونية والحكم النهائي
تم القبض على عبد الرحمن نظمي فور وقوع الجريمة، وخضع لتقييم نفسي أثبت مسؤوليته الكاملة عن أفعاله. وجهت له النيابة العامة تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.
عقدت محكمة جنايات الإسماعيلية محاكمة سريعة للبت في القضية. وفي يناير 2022، قضت المحكمة، بعد أخذ الرأي الشرعي لفضيلة مفتي الجمهورية، بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقًا. اعتُبر الحكم ردًا حاسمًا على وحشية الجريمة. كما صدرت أحكام بحق شريكيه لدورهما في الحادث.
الأثر المجتمعي والنقاش العام
أثارت "جريمة الإسماعيلية"، كما أصبحت تُعرف إعلاميًا، نقاشًا وطنيًا واسعًا في مصر، حيث طرحت القضية تساؤلات جدية حول عدة قضايا ملحة، من بينها:
- تأثير تعاطي المخدرات، خاصة مع الإشارة إلى أن الجاني كان تحت تأثير مخدرات صناعية تُعرف باسم "الشابو".
 - حالة خدمات الصحة النفسية والوعي العام بأهميتها.
 - الجانب المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي والسعي المهووس وراء الشهرة أو "الترند" بأي ثمن.
 - قضية تداول المحتوى العنيف عبر الإنترنت وأخلاقيات مشاركته بين المستخدمين.
 
شكلت الحادثة تحذيرًا صارخًا من التقاء العنف في العالم الواقعي مع الهوس بالشهرة في العالم الافتراضي، وتركت أثرًا عميقًا في مجتمع الإسماعيلية والمجتمع المصري ككل.





