الغندور يرد على المندوه: الزمالك مؤسسة باقية وليست على شفير الموت
شهدت الأوساط الرياضية المصرية، وتحديداً داخل نادي الزمالك، جدلاً واسعاً مؤخراً بعد تصريحات أدلى بها الدكتور حسام المندوه، أمين صندوق النادي، والتي وصفت الوضع المالي للنادي ببالغ السوء، مشبهاً إياه بالمريض الذي يشارف على الموت. هذه التصريحات أثارت ردود فعل متباينة، كان أبرزها وأكثرها حدة من نجم الزمالك السابق والإعلامي الحالي خالد الغندور، الذي دحض بشدة هذا التوصيف التشاؤمي، مؤكداً على عراقة النادي وقدرته على تجاوز المحن.

خلفية الأزمة وتصريحات المندوه
تُعد الأزمة المالية الراهنة في نادي الزمالك إحدى التحديات الكبرى التي تواجه الإدارة الحالية والمستقبلية. وقد كشف الدكتور حسام المندوه، في تصريحاته الأخيرة، عن حجم الديون المتراكمة والتحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجه القلعة البيضاء. ووفقاً لمصادر متابعة للشأن الزمالكاوي، فإن هذه التصريحات جاءت في سياق عرض شامل للوضع المالي الحرج للنادي، في محاولة لوضع الصورة كاملة أمام الجماهير والرأي العام. وقد ذكر المندوه بوضوح أن النادي يمر بضائقة مالية خانقة أدت إلى تعقيدات كبيرة في تسيير أموره اليومية والوفاء بالتزاماته، بما في ذلك عقود اللاعبين، المستحقات المتأخرة، وحتى متطلبات تشغيل المنشآت الرياضية. هذا الوصف المتشائم يهدف، من وجهة نظر المندوه، إلى تسليط الضوء على حجم الكارثة وضرورة إيجاد حلول جذرية وعاجلة.
رد الغندور القوي ودفاعه عن الزمالك
لم تمر تصريحات أمين الصندوق دون رد فعل قوي من خالد الغندور، أحد أبرز رموز نادي الزمالك على مدار تاريخه. فقد شن الغندور، عبر منصاته الإعلامية، هجوماً مضاداً على ما اعتبره تضخيماً سلبياً ومحاولة لزرع اليأس في نفوس الجماهير. أكد الغندور أن الزمالك مؤسسة عريقة ضاربة في عمق التاريخ المصري، وأنه ليس مجرد نادٍ رياضي بل كيان جماهيري يمثل الملايين. ومن أهم النقاط التي ركز عليها الغندور في رده:
- رفض التشبيه: اعتبر الغندور تشبيه النادي بالمريض الذي على وشك الموت أمراً غير مقبول، ولا يليق بتاريخ الزمالك العريق.
 - الثقة في الجماهير والإدارة: شدد على أن جماهير الزمالك كانت ولا تزال السند الحقيقي للنادي في كل أزماته، وأنها قادرة على الوقوف بجانبه لتجاوز أي محنة. كما أبدى ثقته في قدرة الإدارة الحالية على إيجاد حلول لهذه الأزمات.
 - تاريخ النادي: ذكّر الغندور بأن الزمالك مر بأزمات مالية وإدارية أسوأ في الماضي وخرج منها أقوى وأكثر صلابة، مؤكداً أن الأزمة الحالية ليست نهاية المطاف.
 - الحفاظ على المعنويات: نبه الغندور إلى أن مثل هذه التصريحات السلبية قد تؤثر على معنويات اللاعبين والجهاز الفني، وربما على استقرار الفريق بشكل عام.
 
جاء رد الغندور ليعكس وجهة نظر قطاع كبير من جماهير الزمالك الذين يرون أن التعبير عن الأزمات يجب أن يتم بحكمة ودون إشاعة روح الانهزامية، وأن التركيز ينبغي أن يكون على إيجاد الحلول وليس على تضخيم المشكلات.
السياق الأوسع للجدل
هذا الجدل الدائر بين المندوه والغندور لا ينفصل عن السياق الأوسع للتحديات التي تواجه الأندية الكبيرة في مصر. فالعديد من الأندية تعاني من ضغوط مالية خانقة نتيجة تراجع مصادر الدخل، وتزايد الالتزامات المالية، وتأثير العقوبات الدولية أحياناً (مثل حظر القيد). بالنسبة للزمالك، فقد شهد النادي خلال السنوات القليلة الماضية فترات من عدم الاستقرار الإداري، وتراكم للديون، وحظر قيد اللاعبين، مما فاقم من الوضع. تصريحات المسؤولين حول هذه الأوضاع غالباً ما تقع في منطقة حساسة بين ضرورة الشفافية أمام الجماهير وبين الحفاظ على صورة النادي ومعنوياته.
إن ما قاله المندوه، وإن كان يرمي إلى إظهار الحقائق المالية المؤلمة، فقد فُهم على أنه قد يضر بسمعة النادي ويضعف موقفه التفاوضي مستقبلاً مع اللاعبين أو الرعاة. على النقيض، يؤكد الغندور على أن التصريحات يجب أن تحمل روح التحدي والأمل، وأن الأندية الجماهيرية مثل الزمالك تستمد قوتها من تاريخها وجماهيرها قبل أي دعم مالي مؤقت.
التأثيرات المحتملة للجدل
من المتوقع أن يكون لهذا الجدل عدة تأثيرات:
- على الرأي العام الزمالكاوي: قد يزيد من الانقسامات بين من يرى ضرورة الشفافية الكاملة و"الصدمة" لإدراك حجم الأزمة، ومن يفضل خطاباً أكثر تفاؤلاً وإيجابية.
 - على الإدارة: يضع الإدارة الحالية تحت ضغط أكبر لإثبات قدرتها على الخروج من الأزمة المالية وتقديم حلول ملموسة.
 - على اللاعبين والجهاز الفني: قد يؤثر على الروح المعنوية للفريق، خاصة إذا ما شعر اللاعبون بأن النادي يواجه مستقبلاً مظلماً. وهذا يتطلب جهوداً إضافية من الإدارة والطاقم الفني لضمان استقرار الأداء.
 - على التعاقدات والرعاية: قد تؤثر التصريحات السلبية على جاذبية النادي للاعبين الجدد أو للرعاة المحتملين الذين يبحثون عن استقرار مالي وإداري.
 
يبرز هذا الجدل مجدداً أهمية إدارة الأزمات المالية في الأندية الكبرى، ليس فقط من الناحية المحاسبية، بل أيضاً من ناحية التواصل الإعلامي والنفسي مع الجماهير واللاعبين. فبينما يصر المندوه على ضرورة كشف الحقائق المؤلمة، يرى الغندور أن الأمل والتفاؤل هما مفتاح تجاوز الأزمات، وأن "الزمالك لن يموت" مهما اشتدت الظروف.
تعكس هذه المواجهة بين وجهتي نظر مختلفتين تحدياً جوهرياً تواجهه مؤسسات كرة القدم الكبيرة: كيفية الموازنة بين الشفافية المالية المطلوبة وبين الحفاظ على مكانة النادي وقوته المعنوية ككيان جماهيري عريق. ومن المنتظر أن تتابع الجماهير عن كثب ما ستؤول إليه الأمور في القلعة البيضاء، وكيف ستتمكن الإدارة من معالجة هذه الأزمة، وهل ستنجح في إثبات رؤية خالد الغندور بأن النادي بالفعل باقٍ وقادر على تجاوز كل الصعاب.





