القسام تحدد موعد تسليم جثمان رهينة إسرائيلي عُثر عليه في أحد أنفاق غزة
في تطور لافت خلال فترة الهدنة الإنسانية المؤقتة في قطاع غزة، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن عثورها على جثمان أحد الرهائن الإسرائيليين وتحديدها موعدًا لتسليمه. جاء هذا الإعلان ليضيف بعدًا جديدًا ومعقدًا للمفاوضات الجارية وجهود تبادل الأسرى، مسلطًا الضوء على مصير الرهائن الذين لم ينجوا من الأسر.

تفاصيل الإعلان والعملية
صدر البيان عن كتائب القسام في وقت متأخر من المساء، موضحًا أن مقاتليها عثروا على جثة الرهينة خلال عمليات البحث والتمشيط في أحد الأنفاق بشمال قطاع غزة. ووفقًا للإعلان، فإن عملية التسليم تمت في إطار ما أسمته الحركة "صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى"، والتي شكلت أساس الهدنة المؤقتة. حددت الكتائب الساعة الثامنة مساءً بتوقيت غزة كموعد لتسليم الجثمان إلى الجهات المعنية، والتي غالبًا ما تكون اللجنة الدولية للصليب الأحمر كوسيط محايد.
لم تكشف الحركة عن هوية الرهينة أو تفاصيل إضافية حول ظروف وفاته، تاركة الأمر للجهات الإسرائيلية للتحقق والإعلان الرسمي. ويُعد العثور على الجثمان داخل شبكة الأنفاق المعقدة تأكيدًا على الاستخدام الاستراتيجي لهذه الأنفاق من قبل حماس لاحتجاز الرهائن وإدارة عملياتها بعيدًا عن المراقبة الجوية الإسرائيلية.
خلفية الهدنة الإنسانية وتبادل الأسرى
يأتي هذا الإعلان في سياق الهدنة الإنسانية المؤقتة التي بدأت في أواخر نوفمبر 2023 بعد مفاوضات مكثفة بوساطة قطرية ومصرية وبدعم من الولايات المتحدة. نص الاتفاق الأولي على وقف إطلاق النار لعدة أيام، قابلة للتمديد، مقابل إطلاق سراح العشرات من الرهائن الإسرائيليين، معظمهم من النساء والأطفال، مقابل إطلاق سراح عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين، من النساء والقاصرين أيضًا، من السجون الإسرائيلية.
شمل الاتفاق أيضًا بنودًا تتعلق بالسماح بدخول كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية والوقود إلى قطاع غزة المحاصر. ورغم أن التركيز الإعلامي كان منصبًا على تبادل المحتجزين الأحياء، فإن قضية استعادة جثامين الرهائن والجنود الإسرائيليين القتلى كانت دائمًا جزءًا أساسيًا من مطالب الجانب الإسرائيلي في أي مفاوضات حالية أو مستقبلية.
الأهمية الاستراتيجية والإنسانية
من الناحية الإنسانية، يمثل استلام جثمان أي رهينة حدثًا جللًا بالنسبة لعائلته وللمجتمع الإسرائيلي بأسره. تولي إسرائيل أهمية قصوى لمبدأ "عدم ترك أي شخص خلف الركب"، سواء كان حيًا أم ميتًا، وتعتبر استعادة جثامين مواطنيها واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا. لذلك، فإن هذه الخطوة، على الرغم من كونها مأساوية، تُعتبر إنجازًا جزئيًا ضمن أهداف الحرب التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية.
على الصعيد الاستراتيجي، تستخدم حماس قضية الرهائن، بما في ذلك الجثامين، كورقة ضغط قوية في المفاوضات. فمن خلال الكشف عن مصير الرهائن بشكل تدريجي، تحافظ الحركة على زخم المفاوضات وتضع الجانب الإسرائيلي تحت ضغط شعبي وسياسي مستمر. كما أن إعلانها عن العثور على الجثمان وتسليمه يظهر سيطرتها على الوضع الميداني في مناطق عملياتها، لا سيما داخل شبكة الأنفاق التي تعتبرها حصنها الاستراتيجي.
التداعيات المحتملة
من المتوقع أن يتبع عملية التسليم إجراءات تحديد الهوية من قبل السلطات الإسرائيلية المختصة، ومن ثم إبلاغ عائلة الرهينة رسميًا. غالبًا ما تثير مثل هذه الأحداث نقاشًا داخليًا في إسرائيل حول تكلفة الحرب وفعالية استراتيجية الضغط العسكري مقابل التفاوض لاستعادة الرهائن. كما أنها تزيد من قلق عائلات الرهائن المتبقين الذين لا يزال مصيرهم مجهولًا. يبقى هذا التطور خطوة ضمن مسار طويل ومعقد من المفاوضات التي تتأرجح بين التقدم والجمود، وتظل قضية الرهائن المحور الأكثر حساسية في الصراع الدائر.





