كتائب القسام تعلن تسليم جثامين أسيرين إسرائيليين
في تطور لافت وسط الجهود الدولية المتعثرة للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن قيامها بتسليم جثامين أسيرين إسرائيليين كانا محتجزين في القطاع. وتمت عملية التسليم عبر وسيط دولي لم يتم الكشف عن هويته رسميًا، إلا أن مصادر إعلامية أشارت إلى دور محتمل للجنة الدولية للصليب الأحمر في تسهيل العملية اللوجستية.
وذكرت الكتائب في بيان مقتضب صدر في وقت سابق اليوم، أن هذه الخطوة تأتي كـ"بادرة إنسانية" تهدف إلى إظهار حسن النية ودفع مسار المفاوضات المتوقفة. ولم يقدم البيان تفاصيل حول هوية الأسيرين أو الظروف التي أدت إلى وفاتهما، لكنه أشار إلى أنهما قُتلا في قصف إسرائيلي سابق على القطاع، وهو ادعاء لم يتم التحقق منه من مصدر مستقل حتى الآن.
خلفية وسياق الحدث
يأتي هذا الإعلان في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي اندلعت عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن أسر ما يزيد عن 240 شخصًا، بينهم عسكريون ومدنيون. وعلى الرغم من إطلاق سراح العشرات خلال هدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر الماضي، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن أكثر من 100 أسير ما زالوا في غزة، ويُعتقد أن عددًا منهم قد فارقوا الحياة.
وتشكل قضية الأسرى نقطة محورية في أي محادثات لوقف إطلاق النار، حيث تطالب عائلات المحتجزين في إسرائيل حكومتها بالتوصل إلى صفقة فورية لإعادتهم جميعًا، الأحياء منهم والأموات. وقد شهدت الأسابيع الأخيرة جمودًا في المفاوضات غير المباشرة التي ترعاها كل من قطر ومصر والولايات المتحدة، بسبب تباين مواقف الطرفين حول شروط الصفقة، وخاصة فيما يتعلق بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
التفاصيل وردود الفعل الأولية
بحسب المصادر، جرت عملية تسليم الجثامين في منطقة جنوب قطاع غزة، حيث تم نقلها إلى الجانب المصري عبر معبر رفح، ومن هناك إلى إسرائيل لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة وتحديد الهوية رسميًا. وقد أكد الجيش الإسرائيلي في بيان له استلام جثمانين، مشيرًا إلى أنه تم إبلاغ العائلات المعنية بعد اكتمال عملية التشخيص الأولية. وتعهد الجيش بمواصلة العمل "بكل الوسائل الاستخباراتية والعملياتية" لإعادة جميع الأسرى إلى ديارهم.
على الصعيد السياسي، جاءت ردود الفعل متباينة:
- الحكومة الإسرائيلية: اعتبر مسؤولون إسرائيليون أن الخطوة، على الرغم من ألمها، تؤكد على ضرورة مواصلة الضغط العسكري على حماس لإجبارها على إطلاق سراح بقية الأسرى.
- عائلات الأسرى: رحبت منظمة "منتدى عائلات الرهائن والمفقودين" بعودة الجثمانين، مؤكدة على حقهم في الحصول على دفن لائق في إسرائيل. وفي الوقت نفسه، جددت المنظمة دعوتها للحكومة الإسرائيلية لإعطاء الأولوية القصوى لإبرام صفقة تبادل شاملة.
- الوسطاء الدوليون: عبرت مصادر دبلوماسية عن أملها في أن تساهم هذه الخطوة في بناء قدر ضئيل من الثقة بين الطرفين، مما قد يفتح الباب أمام استئناف المفاوضات الجادة.
الأهمية والتداعيات المحتملة
تكمن أهمية هذا التطور في كونه أول عملية تسليم لجثامين منذ انهيار الهدنة الأخيرة، وقد يمثل مؤشرًا على أن القنوات الخلفية للتواصل لا تزال مفتوحة رغم التصعيد الميداني. يرى محللون أن حماس قد تهدف من خلال هذه الخطوة إلى إرسال رسالة مفادها أنها لا تزال تسيطر على الوضع ميدانيًا وقادرة على إدارة ملف الأسرى، بالإضافة إلى محاولة تخفيف الضغط الدولي والإنساني عليها.
ومع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى اختراق حقيقي في المفاوضات، أم أنها ستبقى مجرد خطوة معزولة. يعتمد مستقبل المحادثات على مدى استعداد كل من إسرائيل وحماس لتقديم تنازلات حول القضايا الجوهرية العالقة، وفي مقدمتها مطلب حماس بإنهاء الحرب بشكل كامل مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى.




