القوات الروسية تضيق الخناق على كوبيانسك الأوكرانية وسط معارك عنيفة

تشهد جبهة شرق أوكرانيا تصعيدًا كبيرًا في العمليات القتالية خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تركز القوات الروسية جهودها الهجومية على محور مدينة كوبيانسك الاستراتيجية الواقعة في مقاطعة خاركيف. وتشير التقارير الميدانية إلى أن القوات الروسية تحقق تقدمًا بطيئًا ولكنه ثابت، مما يضع القوات الأوكرانية المدافعة عن المدينة تحت ضغط متزايد ويثير مخاوف من احتمال سقوطها مجددًا.

الأهمية الاستراتيجية لكوبيانسك

تكتسب مدينة كوبيانسك أهمية استثنائية لكلا الجانبين المتحاربين، فهي تعد مركزًا لوجستيًا حيويًا وعقدة رئيسية لسكك الحديد. قبل استعادتها من قبل أوكرانيا، استخدمتها روسيا كنقطة محورية لإمداد قواتها في منطقة دونباس. السيطرة على المدينة ستمنح القوات الروسية ميزة لوجستية كبيرة، وقد تفتح الطريق أمامها لشن هجوم أوسع نطاقًا باتجاه الغرب، وربما نحو مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا.

خلفية الصراع على المدينة

سيطرت القوات الروسية على كوبيانسك في الأيام الأولى من الغزو الشامل في فبراير 2022. لكن القوات الأوكرانية تمكنت من تحريرها في هجوم خاطف ومفاجئ في سبتمبر من العام نفسه، وهو ما شكل أحد أبرز نجاحات كييف العسكرية. منذ ذلك الحين، لم تتوقف المحاولات الروسية لاستعادة السيطرة على المدينة والمناطق المحيطة بها، وقد كثفت من هجماتها بشكل ملحوظ منذ أواخر عام 2023 ومطلع العام الجاري.

التطورات الميدانية الأخيرة

خلال الفترة الأخيرة، اتبعت القوات الروسية تكتيك الضغط المستمر عبر محاور عدة حول المدينة، معتمدة على القصف المدفعي المكثف والغارات الجوية واستخدام الطائرات المسيرة. وقد أسفر هذا الضغط عن تحقيق مكاسب ميدانية في عدة قرى وبلدات صغيرة على مشارف كوبيانسك، مثل سينكيفكا وتابايفكا. وتصف المصادر العسكرية الأوكرانية الوضع بأنه "صعب ومتوتر"، مؤكدة أن قواتها تخوض معارك دفاعية شرسة لصد الهجمات المتتالية.

في ظل اقتراب خط المواجهة، اتخذت السلطات الأوكرانية عدة إجراءات احترازية لحماية المدنيين، من بينها:

• إصدار أوامر إجلاء إلزامية لسكان عشرات البلدات والقرى في منطقة كوبيانسك.
• تكثيف الجهود لتعزيز الخطوط الدفاعية حول المدينة والمناطق المجاورة.
• الدعوة إلى زيادة الدعم العسكري الدولي، خاصة فيما يتعلق بالذخائر وأنظمة الدفاع الجوي لمواجهة التفوق الروسي في القوة النارية.

التداعيات المحتملة

يمثل احتمال سقوط كوبيانسك تحديًا كبيرًا لأوكرانيا، ليس فقط من الناحية العسكرية واللوجستية، بل أيضًا من الناحية المعنوية، حيث ستكون خسارة مدينة رئيسية تم تحريرها سابقًا بمثابة انتكاسة رمزية. أما بالنسبة لروسيا، فإن السيطرة الكاملة على المدينة ستمثل نصرًا تكتيكيًا مهمًا يعزز موقفها في شمال شرق أوكرانيا، ويتيح لها استغلال شبكة السكك الحديدية لدعم عملياتها المستقبلية، مما يؤكد أن المعركة من أجل كوبيانسك قد تكون إحدى المحطات الفاصلة في مسار الحرب خلال الفترة المقبلة.