الكنيست الإسرائيلي يقر مشروع قانون إعدام الأسرى وسط إدانة فلسطينية واسعة
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وتنديداً فلسطينياً، صادقت لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي خلال شهر مارس 2023 على مشروع قانون يهدف إلى فرض عقوبة الإعدام على أسرى فلسطينيين متهمين بتنفيذ عمليات أدت إلى مقتل مواطنين إسرائيليين. يمثل هذا التشريع، الذي مر بالقراءة التمهيدية، تصعيداً كبيراً في السياسات الإسرائيلية تجاه الأسرى ويحظى بدعم قوي من الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية الحالية.

خلفية وتفاصيل مشروع القانون
يعد مشروع القانون أحد أبرز البنود في الاتفاقيات الائتلافية للحكومة التي تشكلت في أواخر عام 2022، ويقوده بشكل رئيسي وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحزبه "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية). ينص القانون المقترح على أن المحاكم العسكرية يمكنها فرض عقوبة الإعدام على من يُدان بارتكاب "جريمة قتل على خلفية قومية ضد مواطني إسرائيل"، دون اشتراط إجماع القضاة، بل يكفي أغلبية بسيطة لإصدار الحكم. تهدف هذه الخطوة، بحسب مؤيديها، إلى خلق "ردع حقيقي" ومنع منفذي الهجمات من أن يصبحوا جزءاً من صفقات تبادل الأسرى المستقبلية.
ورغم أن عقوبة الإعدام موجودة نظرياً في القانون العسكري الإسرائيلي، إلا أنها لم تُطبق سوى مرة واحدة في تاريخ إسرائيل. ويسعى هذا التشريع الجديد إلى تسهيل إصدار وتنفيذ هذه الأحكام، مما يغير بشكل جذري الوضع القانوني القائم ويعكس توجهاً أكثر تشدداً من قبل الائتلاف الحاكم.
ردود فعل فلسطينية غاضبة
على الجانب الفلسطيني، قوبل مشروع القانون بإدانة شاملة من كافة المستويات السياسية والشعبية. واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن هذا القانون يمثل "تشريعاً للقتل والإعدامات الميدانية" وجريمة حرب بموجب القانون الدولي. وقد حذرت هيئات ومنظمات حقوقية فلسطينية من أن هذا القانون ينتهك بشكل صارخ اتفاقيات جنيف التي تحظر تطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى المحميين.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور جهاد الحرازين، أن القانون يمثل "جريمة بحق الفلسطينيين" ويعبر عن الطبيعة العنصرية والمتطرفة للحكومة الإسرائيلية. وأضاف أن مثل هذه الإجراءات تهدف إلى إرهاب الشعب الفلسطيني وتقويض أي فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. تتلخص أبرز المخاوف الفلسطينية في النقاط التالية:
- اعتبار القانون انتهاكاً مباشراً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان الأساسية.
- الخشية من أن يفتح الباب أمام محاكمات صورية وإعدامات جماعية تستهدف النشطاء والأسرى السياسيين.
- التحذير من أن هذه السياسة ستؤدي إلى تصعيد خطير في الأراضي الفلسطينية وتغذية دائرة العنف.
- مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف هذا التشريع الذي وصفوه بـ"الفاشي".
السياق السياسي والتداعيات المحتملة
يأتي الدفع بهذا القانون في سياق سياسي يمتاز بصعود اليمين المتطرف في إسرائيل وهيمنته على أجندة الحكومة. يرى المحللون أن هذه الخطوة تخدم أهدافاً سياسية داخلية للأحزاب المتشددة التي تسعى لإظهار قوتها وحزمها في التعامل مع الملف الأمني الفلسطيني. ومع ذلك، أثار مشروع القانون جدلاً حتى داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حيث حذر بعض المسؤولين من أن تطبيقه قد يؤدي إلى موجة عنف واسعة وعمليات انتقامية، مما يعرض أمن الإسرائيليين للخطر بدلاً من حمايتهم.
على الصعيد الدولي، يُنظر إلى هذا التشريع بقلق، حيث يتعارض مع التوجه العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام. وفي حال إقراره النهائي، فإنه قد يعزل إسرائيل دبلوماسياً ويعرضها لانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، مما يزيد من الضغوط السياسية والقانونية عليها.





