الكنيست الإسرائيلي يمضي في تشريع لضم أراضٍ بالضفة الغربية وسط تنديد واسع
في تطور سياسي لافت، وافق الكنيست الإسرائيلي في قراءة تمهيدية على المضي قدمًا في مناقشة مشاريع قوانين تهدف إلى فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. هذه الخطوة، التي جرت في الأيام الأخيرة، تمثل مرحلة أولية في عملية تشريعية معقدة، لكنها أثارت موجة من ردود الفعل المنددة على المستويين الفلسطيني والدولي، وسط تحذيرات من تقويضها لأسس عملية السلام وفرص قيام دولة فلسطينية مستقلة.

خلفية تاريخية وسياق سياسي
تعتبر الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أرضًا محتلة بموجب القانون الدولي منذ حرب عام 1967. وعلى مر العقود، أقامت إسرائيل مئات المستوطنات التي يسكنها مئات الآلاف من الإسرائيليين، وهي مستوطنات يعتبرها معظم المجتمع الدولي غير شرعية. يستند حل الدولتين، الذي تدعمه تاريخيًا معظم القوى العالمية، على فكرة إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يجعل أي خطوة نحو الضم أحادية الجانب تهديدًا مباشرًا لهذا الحل.
يأتي هذا التحرك التشريعي في سياق سياسي داخلي في إسرائيل يتسم بهيمنة الائتلافات اليمينية التي تدعم التوسع الاستيطاني وتعارض قيام دولة فلسطينية. وغالبًا ما يتم طرح مشاريع قوانين الضم كوسيلة لحشد الدعم من القاعدة الانتخابية اليمينية وتلبية لضغوطات من قادة المستوطنين.
تفاصيل الخطوة التشريعية الأخيرة
التصويت الذي جرى مؤخرًا لا يعني إقرار القانون بشكل نهائي، بل هو مجرد موافقة أولية تسمح بمناقشة مشروع القانون في لجان الكنيست قبل طرحه لثلاث قراءات إضافية. العملية التشريعية الكاملة تتطلب أغلبية في كل مرحلة من المراحل التالية:
- القراءة التمهيدية: الموافقة المبدئية على فكرة القانون.
 - مناقشات اللجان: دراسة تفصيلية للقانون وتعديل بنوده.
 - القراءات الأولى والثانية والثالثة: ثلاث جولات تصويت في الهيئة العامة للكنيست لإقرار القانون بصيغته النهائية.
 
تهدف مشاريع القوانين المطروحة إلى تطبيق القانون المدني الإسرائيلي مباشرة على المستوطنات، مما يعني ضمها فعليًا إلى إسرائيل. ويرى المؤيدون لهذه الخطوة أنها تصحيح لوضع قائم، بينما يعتبرها المعارضون ترسيخًا لنظام فصل وتمييز ضد الفلسطينيين وانتهاكًا للقانون الدولي.
ردود الفعل الفلسطينية والدولية
على الفور، صدرت إدانات قوية من الجانب الفلسطيني. حيث وصفت الرئاسة الفلسطينية هذه الخطوة بأنها "لعب بالنار" وتحدٍ سافر للإرادة الدولية وقرارات الأمم المتحدة. وأكدت السلطة الفلسطينية أن مثل هذه الإجراءات الأحادية تنسف كل الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعياتها الخطيرة.
دوليًا، أعربت عدة دول ومنظمات عن قلقها البالغ. وحذر الاتحاد الأوروبي من أن الضم يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي ويمثل عقبة كبرى أمام تحقيق السلام. كما صدرت مواقف مشابهة من دول عربية رئيسية مثل الأردن ومصر، اللتين حذرتا من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها. من جهتها، تتابع الأمم المتحدة التطورات عن كثب، مع تأكيد متحدثيها الدائم على ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال.
التداعيات المحتملة وأهمية الحدث
تكمن أهمية هذه الخطوة في أنها قد تمثل تحولًا من السيطرة العسكرية الفعلية (ضم الأمر الواقع) إلى ضم قانوني (ضم الأمر القانوني)، وهو ما يغير بشكل جذري الوضع القائم منذ عقود. يرى المحللون أن المضي قدمًا في هذا المسار قد يؤدي إلى عدة نتائج خطيرة، منها انهيار السلطة الفلسطينية، وزيادة الاحتكاك والعنف على الأرض، وعزل إسرائيل على الساحة الدولية.
وبينما لا يزال الطريق طويلًا أمام تحول هذه المشاريع إلى قوانين نافذة، فإن مجرد مناقشتها بشكل جدي في الكنيست يبعث برسالة سياسية واضحة حول نوايا أجزاء مؤثرة من القيادة الإسرائيلية، مما يعمق انعدام الثقة ويجعل مستقبل حل الدولتين أكثر صعوبة من أي وقت مضى.





