قوات إسرائيلية تشن حملة اقتحامات ومداهمات في مناطق متفرقة بالضفة الغربية
تواصل القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية المكثفة في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، حيث شنت خلال الساعات والأيام القليلة الماضية سلسلة من الاقتحامات والمداهمات التي استهدفت مدناً وبلدات ومخيمات للاجئين. وتأتي هذه التحركات في سياق تصعيد مستمر تشهده المنطقة منذ فترة طويلة، والذي ازدادت حدته بشكل ملحوظ في أعقاب أحداث 7 أكتوبر 2023. تركز العمليات العسكرية بشكل أساسي على اعتقال من تصفهم إسرائيل بـ "المطلوبين" وتفكيك ما تدعي أنها بنى تحتية لجماعات مسلحة، إلا أنها غالباً ما تؤدي إلى مواجهات عنيفة وسقوط ضحايا بين المدنيين الفلسطينيين.

تفاصيل العمليات الأخيرة
شهدت الأيام الأخيرة نشاطاً عسكرياً إسرائيلياً واسع النطاق تركز في عدة محافظات رئيسية بالضفة الغربية. وتوزعت الاقتحامات على النحو التالي:
- محافظة قلقيلية: اقتحمت القوات الإسرائيلية عدة قرى وبلدات، بما في ذلك بلدة عزون شرق المحافظة، حيث قامت بمداهمة عدد من المنازل وتفتيشها، مما أثار حالة من التوتر في المنطقة دون أن يبلغ عن اعتقالات فورية.
 - محافظة طولكرم: تعتبر مدينة طولكرم ومخيماتها، خاصة مخيم نور شمس، من بين أكثر المناطق التي تتعرض لعمليات متكررة. تضمنت العمليات الأخيرة تجريفاً للبنية التحتية في المخيم، ومداهمات ليلية للمنازل، وفرض حصار على بعض الأحياء، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين.
 - محافظة جنين: لا تزال جنين ومخيمها نقطة ساخنة رئيسية، حيث تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات بشكل شبه يومي. تشمل هذه العمليات عادةً نشر قناصة على أسطح المباني ومداهمات واسعة تسفر عن اعتقالات واشتباكات عنيفة.
 - مناطق أخرى: امتدت الاقتحامات لتشمل أيضاً مناطق في محافظات الخليل ونابلس ورام الله، حيث تم تنفيذ اعتقالات طالت عشرات الفلسطينيين، من بينهم أسرى محررون ونشطاء.
 
السياق والخلفية
تندرج هذه العمليات ضمن سياسة أمنية إسرائيلية طويلة الأمد في الضفة الغربية، لكنها شهدت تكثيفاً غير مسبوق بعد بدء الحرب على قطاع غزة. تبرر إسرائيل هذه المداهمات بأنها إجراءات "لمكافحة الإرهاب" وضرورية للحفاظ على أمن المستوطنات والمواطنين الإسرائيليين. ومنذ أكتوبر 2023، ارتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الآلاف، كما سجلت وزارة الصحة الفلسطينية مئات القتلى وآلاف الجرحى نتيجة للمواجهات وإطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي.
تجري هذه الأحداث في ظل تزايد نفوذ الجماعات المسلحة الفلسطينية في بعض مناطق شمال الضفة الغربية، والتي ترد على الاقتحامات باشتباكات مسلحة، مما يحول العديد من المدن والمخيمات إلى ساحات مواجهة شبه مستمرة. وفي الوقت نفسه، يتصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد القرى والبلدات الفلسطينية، غالباً تحت حماية الجيش، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد والتوتر إلى المشهد الأمني.
التداعيات الإنسانية والسياسية
تخلف هذه العمليات العسكرية المستمرة آثاراً عميقة على حياة السكان الفلسطينيين. فالدمار الذي يلحق بالبنية التحتية، مثل الطرق وشبكات المياه والكهرباء، يعطل الحياة اليومية ويزيد من معاناة المواطنين. كما أن حالة الخوف وعدم الاستقرار الناجمة عن المداهمات الليلية والاعتقالات العشوائية تؤثر سلباً على النسيج الاجتماعي والصحة النفسية للمجتمعات المحلية.
على الصعيد السياسي، تدين السلطة الفلسطينية بشكل متكرر هذه الاقتحامات وتعتبرها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، وتقويضاً لأي فرصة لتحقيق السلام. ومن جانبها، تحذر منظمات حقوقية دولية من الاستخدام المفرط للقوة وتدعو إلى حماية المدنيين وفتح تحقيقات في حوادث القتل والإصابات. ومع استمرار غياب أفق سياسي واضح، يبقى الوضع في الضفة الغربية مرشحاً لمزيد من التصعيد في المستقبل القريب.





