ماركو روبيو: قرارات الكنيست الإسرائيلي تقوض خطة ترامب لإنهاء الصراع في غزة
أصدر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، تحذيراً شديد اللهجة يوم الأربعاء، مفاده أن الخطوات التي قد يتخذها الكنيست الإسرائيلي نحو ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، تهدد بشكل مباشر وتعرض للخطر خطة إدارة الرئيس دونالد ترامب الرامية إلى إحلال السلام وإنهاء الصراع المستمر، والذي يشمل غزة. هذا التحذير يسلط الضوء على التوترات العميقة والتحديات الجوهرية التي تواجه جهود الوساطة الأمريكية في المنطقة، ويشير إلى تداعيات محتملة قد تعصف بأي آفاق للسلام.

خلفية الخبر وخطة ترامب للسلام
تعود جذور هذه التطورات إلى سياق أوسع يتعلق بمبادرات السلام في الشرق الأوسط ومستقبل الأراضي الفلسطينية. كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد كشفت النقاب عن خطتها للسلام، المعروفة باسم "صفقة القرن" أو "السلام من أجل الازدهار"، في أواخر يناير 2020. هدفت الخطة المعلنة إلى تقديم إطار شامل لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، مع التركيز على الجوانب الاقتصادية وتقديم رؤية لدولة فلسطينية مستقبلية ذات سيادة محدودة، وتقوم على اعتراف إسرائيل بدولة فلسطينية مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية. ومع ذلك، واجهت الخطة رفضا فلسطينيا واسع النطاق، وانتقادات دولية، لكونها، من وجهة نظر الكثيرين، متحيزة بشدة لصالح المطالب الإسرائيلية.
في المقابل، كانت الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء آنذاك، بنيامين نتنياهو، قد أعلنت عن نيتها ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، بما في ذلك جميع المستوطنات الإسرائيلية ووادي الأردن. استندت هذه الخطوة إلى تفسيرات إسرائيلية لقرارات دولية وتعهدات انتخابية، وكانت تهدف إلى تأكيد السيادة الإسرائيلية على هذه المناطق. أثارت خطط الضم هذه مخاوف كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما حول مستقبل حل الدولتين وإمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.
تحذير وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو
جاء تحذير وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، ليؤكد المخاطر الجسيمة التي تمثلها خطط الضم الإسرائيلية على الجهود الدبلوماسية الأمريكية. وشدد روبيو على أن أي تحرك أحادي الجانب من قبل الكنيست لضم أجزاء من الضفة الغربية من شأنه أن يقوض الأسس التي بنيت عليها خطة ترامب للسلام، والتي سعت، على الرغم من عيوبها، إلى تقديم مسار للمضي قدماً. وأوضح أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى:
- تقويض الثقة بين الأطراف، مما يجعل استئناف أي مفاوضات جدية أمراً مستحيلاً.
 - تأجيج التوترات في المنطقة، وزيادة احتمالية اندلاع أعمال عنف جديدة، خصوصاً في مناطق الصراع مثل غزة.
 - عزل الولايات المتحدة دبلوماسياً، حيث أن معظم المجتمع الدولي يعارض بشدة ضم الأراضي المحتلة.
 - القضاء على أي فرصة مستقبلية لحل الدولتين، الذي لا يزال يعتبره الكثيرون المسار الأكثر قابلية للتطبيق لتحقيق سلام دائم.
 
ويعكس تحذير روبيو قلقاً أمريكياً واسعاً من أن تؤدي الإجراءات الأحادية إلى تعقيد المشهد السياسي بشكل لا يمكن تداركه، وبالتالي تدمير أي فرصة لتقدم الخطة الأمريكية التي استثمرت فيها الإدارة الكثير من الجهد والموارد. ويشير ذلك إلى أن الإدارة الأمريكية، حتى وهي تقدم خطة ترامب، كانت تدرك حساسية الموقف وأهمية عدم اتخاذ خطوات قد تقضي على أي فرصة للقبول الفلسطيني أو الإقليمي.
التداعيات المحتملة
إذا ما مضت إسرائيل قدماً في خطط الضم، فإن التداعيات المحتملة يمكن أن تكون واسعة وعميقة الأثر:
- على الصعيد الفلسطيني: من المرجح أن يؤدي الضم إلى رفض فلسطيني قاطع لأي خطة سلام أمريكية، وإلى تصعيد الغضب الشعبي والاحتجاجات، وربما زيادة التوترات الأمنية، مما يؤثر بشكل مباشر على استقرار غزة والضفة الغربية.
 - على الصعيد الإقليمي والدولي: ستواجه إسرائيل، والولايات المتحدة على حد سواء، إدانة دولية واسعة. وقد يؤدي ذلك إلى تدهور العلاقات مع الدول العربية المعتدلة التي قد تكون مهتمة بدعم عملية السلام، فضلاً عن تعميق الانقسامات مع الحلفاء الأوروبيين الذين يؤيدون حل الدولتين بقوة.
 - على خطة ترامب للسلام: سيصبح تطبيق أي جزء من خطة ترامب أمراً مستحيلاً عملياً، حيث أن الضم يغير بشكل جوهري المعطيات الجغرافية والسياسية التي يفترض أن تتعامل معها الخطة. هذا يعني أن جهود الإدارة الأمريكية في هذا الملف ستذهب أدراج الرياح.
 
إن التحذير الصادر عن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يؤكد أن مسألة الضم ليست مجرد قرار داخلي إسرائيلي، بل هي خطوة ذات تداعيات جيوسياسية بعيدة المدى قد تشكل عقبة لا يمكن تجاوزها أمام أي جهود مستقبلية لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتحديداً في سياق الصراع الذي يطال غزة.




